قد يلجاء البعض إلى الإنترنت للتعرف إلى شريك، أو حتى إلى وكالات متخصصة في هذا الشأن، أو كافة أنواع النوادي.. تولد تعددية اللقاءات الممكنة حالة من القلق والتردد الدائمين، وهي في بعض الأحيان تدوم. نتساءل باستمرار إن كان هذا الشريك هو المناسب؟ تقول نادين غرادجان، وهي مستشارة في مسائل الحياة الزوجية في عيادة رافاييل: في حين أن الشبان يقومون بدراسات دقيقة أكثر فأكثر، لا توجد أي دورات تدريبية حول العيش ضمن ثنائي. يتحدث العلماء الاجتماعيون عن خمسة عوامل مرتبطة بنجاح أي ثنائي: "نوعية الموارد الاقتصادية، وجود النماذج الأبوية، الظروف الجديدة لتعلم أصول العلاقة، المراجع المشتركة، التشديد على الأيديولوجية الجماعية". نادرون هم من يجمعون بين هذه النقاط كلها، لكن هذه المعايير تحسن نوعية العلاقة. لا يتعلق الأمر بالقيام ببحث ما، بل بتفادي العجلة. الفائدة الأولى بسيطة: الصدق مع النفس، الصراحة، عدم الركض وراء وهم لاختيار شخص نقدره إلى درجة الاعتقاد أن الحياة معه ممكنة. قبل الدخول في رهان النجاح، علينا التعرف إلى أنفسنا ومعرفة عيوبنا وميزاتنا. يسمح لكم بيان صغير بتفادي التسرع في اتخاذ القرار، والتفكير في رغباتكم وحاجاتكم وإمكانية سعادتكم في العيش مع الشريك. يقول سالومون ناسييلسكي: "البعض قادر على ذلك في الخامسة والعشرين، آخرون لا يستطيعون ذلك قبل بلوغ الخمسين، وخوض تجارب عديدة مع عدة شركاء. ليس الحق في السعادة حقا مكتسبا بالنسبة ِإلى الجميع". أن نستعد لنكون سعداء، هو أن نعترف بما يولد فينا فشلا وصعوبات في العلاقة، ونقصا في الطاقة. إننا نجد أحيانا، ولا نتجرأ على المضي قدما إلى الأمام: لماذا؟ ما هو هذا القلق وهذه المخاوف التي تهاجمنا وتجعلنا نخرب مشاريعنا؟ وعوضا عن طردها، فلنتقبلها ونبرز أنفسنا كما نحن. لا نستطيع أن نكون متساهلين مع الآخر إلا إن كنا متساهلين مع أنفسنا. لن يكون هذا الآخر مثالا، بل إنسان، بكل بساطة. يقول جيرار لولو، وهو طبيب ومتخصص في مشاكل الثنائي: "إن أنكرت ظلي، فلن أستطيع أن أكشف عن قلبي تماما للآخر، ولا أن أستسلم لحياة حميمة حقيقية". إننا بحاجة ماسة كي نحب إلى درجة أننا لا نريد رؤية إشارات التحذير. لا نأخذ برأي أحد، ونأمل أن يخلصنا الحبيب المختار من جميع صعوباتنا. وبحسب سيرج إيفيز، وهو طبيب ومحلل نفساني، ومتخصص في معالجة مسائل الثنائي والعائلة: "يرتكز اختيار الشريك بشكل رئيسي على قاعدة اللاوعي، هذا الانجذاب الأولي هو الذي سيؤدي لا حقا إلى الأزمة حين لا يحترم هذا العقد المستحيل". إننا نحاول كشف عيوب الآخر، ومَن من الاثنين سوف يتحكم في زمام الأمور، لكننا نبقى مقربين، من دون أي تراجع، سائرين نحو الانصهار. تجري الأمور كما لو كنا لا نرى، كما لو كنا ننتظر أن يتكفل بنا هذا الآخر. هو ليس معنا لهذا الغرض، بل كي يجمع طاقاتنا فيحييها من جديد. إن أفضل طريقة لتحسين هذه الطاقات، أن نبدأ بحب ذاتنا كي لا نضطر إلى اللجوء إلى الوسائل والحلول الكامنة أصلا فينا. خلاصة الأمر، ما هي الجوانب المخفية فينا، ورغباتنا الشخصية؟ هل نحن قادرون على إرضاء رغباتنا؟ هل نتقبل حسنات الوحدة؟ ما هي فكرتنا عن التعلق بأحدهم؟ تحثنا "إعادة تركيز الأمور" هذه، على العودة إلى الآخر من دون تقليص الطاقة التي تدور، فنجد في الوقت نفسه شيئا من السكون. تقول فلافيا مازلين سالفي: "عندما نعود إلى ذواتنا، نعود الشخص الذي هو نحن. (من المناسب) أن تطرد كل هذه الأفكار السوداء التي تشوش القلب والروح..ونراجع بالكامل أفكارنا ..تلك الناجمة عن تجارب ماضية أو مستقبلية، متفائلة أو متشائمة".