السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِـــــنَ الْمُعَذَّبِينَ ، وَأَنــــــذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ، وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ،
فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ )الشعراء213-216
ينهى تعـــالى رسوله أصلا وأمته أسوة له في ذلك ، عن دعاء
غير الله، من جميع المخلوقين، وأن ذلك موجب للعذاب الدائم،
والعقاب السرمدي، لكونه شركا ، ( إِنَّــــهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ
حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ) والنهي عــــن الشيء أمر
بضده ، فالنهي عن الشرك ، أمـر بإخلاص العبادة لله وحــــده
لا شريك له ، محبة ، وخوفا ، ورجاء ، وذلا ، وإنابة إليه في
جميع الأوقات. ولمــا أمـــره بما فيه كمال نفسه، أمره بتكميل
غيره فقـال ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) الذين هم أقرب الناس
إليك، وأحقهم بإحسانك الديني والدنيوي ، وهذا لا ينافي أمره
بإنذار جميع الناس، كمـا إذا أمر الإنسان بعموم الإحسان ، ثم
قيل لـــه " أحسن إلى قرابتك " فيكون هذا خصوصا دالا على
التأكيد، وزيادة الحق ، فامتثل صلى الله عليه وسلم هذا الأمر
الإلهي ، فدعا سائر بطون قريش ، فعمم وخصص ، وذكرهم
ووعظهم ، ولم يبق صلى الله عليه وسلم من مقدوره شيئا،
من نصحهم وهدايتهم إلا فعله ، فاهتدى من اهتدى ،
وأعرض من أعرض .
( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِــــنَ الْمُؤْمِنِينَ ) بلين جانبك ،
ولطف خطابك لهم ، وتوددك وتحببك إليهـم ، وحســـن خلقك
والإحسان التام بهم ، وقد فعل صـــلى الله عليـــه وسلــم ذلك
كمـا قـــال تعالى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً
غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُـــــمْ
وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) فهذه أخلاقه صلــى الله عليــــه وسلم ،
أكمل الأخلاق، التـــي يحصل بها من المصالح العظيمة ودفع
المضار ما هو مشاهد ، فهل يليق بمؤمن بالله ورســـــوله ،
ويدعي اتباعه والاقتداء به ، أن يكون كلا على المسلميــن ،
شرس الأخلاق ، شديد الشكيمة عليهم ، غليظ القلب ، فـــظ
القـــول ، فظيعه ؟ و إن رأى منهم معصية ، أو سوء أدب ،
هجرهم ومقتهم وأبغضهم ، لا ليـــن عنــده ، ولا أدب لديه ،
ولا توفيق، قـد حصل من هذه المعاملة من المفاسد، وتعطيل
المصالح ما حصـــل ، ومــع ذلك تجـــده محتقرا لمن اتصف
بصفات الرسول الكريم، قد رماه بالنفاق والمداهنة، وقد كمل
نفسه ورفعها وأعجب بعمله، فهل هذا إلا من جهله، وتزيين
الشيطان وخدعه له، ولهـذا قال الله لرسوله ( فَإِنْ عَصَوْكَ )
فـــي أمر من الأمور ، فلا تتبرأ منهم ، ولا تترك معاملتهم ،
بخفض الجناح ، ولين الجانب ، بل تبرأ من عملهم ، فعظهم
عليه وانصحهم ، وابذل قدرتك في ردهم عنه وتوبتهم منه ،
وهذا لدفع احتراز وهم من يتوهم أن قــولــــــه ( وَاخْفِضْ
جَنَاحَكَ ) للمؤمنين ، يقتضي الرضاء بجميع ما يصدر
منهم ، ما داموا مؤمنين ، فدفع هذا بهذا والله أعلم .
الكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص599)
للشيـــخ : عبد الرحمن السعـدي رحمه الله تعالى
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِـــــنَ الْمُعَذَّبِينَ ، وَأَنــــــذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ، وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ،
فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ )الشعراء213-216
ينهى تعـــالى رسوله أصلا وأمته أسوة له في ذلك ، عن دعاء
غير الله، من جميع المخلوقين، وأن ذلك موجب للعذاب الدائم،
والعقاب السرمدي، لكونه شركا ، ( إِنَّــــهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ
حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ) والنهي عــــن الشيء أمر
بضده ، فالنهي عن الشرك ، أمـر بإخلاص العبادة لله وحــــده
لا شريك له ، محبة ، وخوفا ، ورجاء ، وذلا ، وإنابة إليه في
جميع الأوقات. ولمــا أمـــره بما فيه كمال نفسه، أمره بتكميل
غيره فقـال ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) الذين هم أقرب الناس
إليك، وأحقهم بإحسانك الديني والدنيوي ، وهذا لا ينافي أمره
بإنذار جميع الناس، كمـا إذا أمر الإنسان بعموم الإحسان ، ثم
قيل لـــه " أحسن إلى قرابتك " فيكون هذا خصوصا دالا على
التأكيد، وزيادة الحق ، فامتثل صلى الله عليه وسلم هذا الأمر
الإلهي ، فدعا سائر بطون قريش ، فعمم وخصص ، وذكرهم
ووعظهم ، ولم يبق صلى الله عليه وسلم من مقدوره شيئا،
من نصحهم وهدايتهم إلا فعله ، فاهتدى من اهتدى ،
وأعرض من أعرض .
( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِــــنَ الْمُؤْمِنِينَ ) بلين جانبك ،
ولطف خطابك لهم ، وتوددك وتحببك إليهـم ، وحســـن خلقك
والإحسان التام بهم ، وقد فعل صـــلى الله عليـــه وسلــم ذلك
كمـا قـــال تعالى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً
غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُـــــمْ
وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) فهذه أخلاقه صلــى الله عليــــه وسلم ،
أكمل الأخلاق، التـــي يحصل بها من المصالح العظيمة ودفع
المضار ما هو مشاهد ، فهل يليق بمؤمن بالله ورســـــوله ،
ويدعي اتباعه والاقتداء به ، أن يكون كلا على المسلميــن ،
شرس الأخلاق ، شديد الشكيمة عليهم ، غليظ القلب ، فـــظ
القـــول ، فظيعه ؟ و إن رأى منهم معصية ، أو سوء أدب ،
هجرهم ومقتهم وأبغضهم ، لا ليـــن عنــده ، ولا أدب لديه ،
ولا توفيق، قـد حصل من هذه المعاملة من المفاسد، وتعطيل
المصالح ما حصـــل ، ومــع ذلك تجـــده محتقرا لمن اتصف
بصفات الرسول الكريم، قد رماه بالنفاق والمداهنة، وقد كمل
نفسه ورفعها وأعجب بعمله، فهل هذا إلا من جهله، وتزيين
الشيطان وخدعه له، ولهـذا قال الله لرسوله ( فَإِنْ عَصَوْكَ )
فـــي أمر من الأمور ، فلا تتبرأ منهم ، ولا تترك معاملتهم ،
بخفض الجناح ، ولين الجانب ، بل تبرأ من عملهم ، فعظهم
عليه وانصحهم ، وابذل قدرتك في ردهم عنه وتوبتهم منه ،
وهذا لدفع احتراز وهم من يتوهم أن قــولــــــه ( وَاخْفِضْ
جَنَاحَكَ ) للمؤمنين ، يقتضي الرضاء بجميع ما يصدر
منهم ، ما داموا مؤمنين ، فدفع هذا بهذا والله أعلم .
الكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص599)
للشيـــخ : عبد الرحمن السعـدي رحمه الله تعالى