السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته





الحمد لله رب العالمين والصلاةوالسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الحمد لله الذي يسّر لنا هذااللقاء وأسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعله لقاءًا مباركًا مرحومًا، اللهمآمين

نتكلم اليوم إن شاء الله عن مسألةالتربيةواسم اللقاءالتربيةبالاستعانة

وهذا اللقاء له شِقّان: نبدأفي الكلام عن الاستعانة أولاً ثم الكلام عن التربِيةبالاستعانة.

سنتكلم في مسألة الاستعانة بالله –عزّ وجلّ- فيخمس قواعد:
القاعدةالأولى



أنّ الله –عزّ وجلّ– لمَّاابتلاك واختبرك،
ماابتلاك

بقواكالذاتية، إنما ابتلى فيك قوة استعانتكبه







يعني أنت يا عبد تَعلَم في أوائل سورة الملك أن الله –عزّ وجلّ– خلقك من أجلأن يبتليك، قالتعالى: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْأَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[1]

إذاً أنت مخلوقلِتُبْتلى وتختبر في الحياة.

لكن، كيف؟ وماذا ستفعل؟ وفي ماذا ستُخْتبر؟كلالاختبار دائر في دائرة واحدة

لابد أن تتصوّر أنه ليس لك قوةذاتية، ألم تسمع وصفك في سورة الإنسان** هَلْ أَتَىعَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}مابه؟** لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}ثم** إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْنُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّاهَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}[2]فإذًا أنت لست بشيء لا من جهة الإيجاد ولا من جهة الإعداد ولا منجهة الإمداد ولا من جهة الإسعاد، فالله –عزّ وجلّ- هو الذي أوجدك وأعدّك وأمدّكوأسعدك، لا تتّجه يمنةً ولا يسرةً لتبحث عن أسبابٍ للإسعاد والإمداد، بل أسبابالإسعاد والإمداد كلها مِن الله.

فإذا تصوّرت أن أبناءك سببإسعادك، فهم ليسوا سببًا للإسعاد إلا أن يجعلهم الله سببًا لذلك، وليسوا سببًاللرحمة إلا أن يقذف الله في قلوبهم أن يرحموك، وليسوا سببًا للرِّفق بك إلا أنيُلقي الله في قلوبهم أن يَرفُقوا بك.

انتهى الأمر على أنك مُختَبر ومُبْتَلى بقوة استعانتك وليس بقواك الذاتية.

إذًا نحن اُخْتُبِرنا فيالحياة، اختَبَرنا الله أن نُنَفّذ أوامره ونَنتهي عن نواهيه، هذا الاختبار لن ننجحفيه بقوانا الذاتية، إنما ننجح فيه بقوة الاستعانة.

والأدلة على ذلككثيرة:

1- {إياك نعبد}تأتيبـ{إياكنستعن}.

لا تتحقّق الغاية التي هي "إياك نعبد" إلا بتحقق الوسيلة التي هي "إياك نستعين"







( إياك نعبد ) غاية و ( إياك نستعين ) وسيلة



1- وتقول قبل خروجك من بيتك: ((بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلابالله))[3]يعني تخرج لتحصيل مصالحك التي لا تستطيعها إلا بحول اللهوقوته.

فَكُل ما يصيبك إذا كان من كَدر فلا يُفَرِّجهُ إلاالله، وإن كان من خير فَلَنيعطيه إلا الله.

2- بل لمَّا يُأذِّن المُؤَذِّن فتستجيب له ويقول "حيَّ على الصلاة – حيَّ على الفلاح" تقول: (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَإِلَّا بِاللَّهِ)أيْ أنا لا أستطيع أن أقوم إلى صلاتيإلا أن يعطيني الله –عزّ وجلّ– الحول والقوة.

عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍقَالَ: إِنِّي عِنْدَ مُعَاوِيَةَ إِذْ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُكَمَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ، حَتَّى إِذَا قَالَ "حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ" قَالَ((لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّابِاللَّهِ))فَلَمَّا قَالَ "حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ" قَالَ((لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّابِاللَّهِ))وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَالَالْمُؤَذِّنُ، ثُمَّ قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ"[4].

فعلى ذلك أنت لست بشيء إنما أنت عبد وَصفُكَ الحقيقي أنَّك (فقير)،والفقر هذا مِن أعظم الأوصاف التي تأتي بالخيرات.

موسى عليه السلامكيف نزلت عليه الخيرات وانفتح باب الفَرج عليه؟لّمَّا قال: {رَبِّ إِنِّي لِمَاأَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }[5]فجاء بعد ذلك الخير الكثير.

إذاً، اعلم أنك يا عبد اُبتليتبقوة استعانتك ولم تبتلى بقواك الذاتية، هذا أول معنى في مسألةالاستعانة.
__________________
إلزموا غرس أهل العلم
قال ابن مسعود رضي الله عنه :
" لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم ، وعن أمنائهم وعلماؤهم ؛ فإذا أخذوا من صغارهم وشرارهم هلكوا "