أسرار الزواج السعيد Main_art_1838089


من الأفضل أن نغيّر نمط العلاقة بين الزوجين، على أن نغيّر الشريك الزوجيّ نفسه. قد يظنّ بعضهم أن الكمال في مسألة الزواج أمر حتميّ وبديهيّ عليهم أن يبلغوه يوماً في علاقتهم مع الطرف الآخر. لكن هذه أوهام كبيرة، فلا توجد أيّ علاقة زوجية كاملة، بل إن النقص هو العلامة الأكيدة، وعلينا استدراك هذا النقص على الدوام، ليلاً أو نهاراً، حتى نبلغ درجة جيدة أو قريبة من المأمول في هذه العلاقة.
إن فكرة الزواج تحمل ضمن معانيها العزم والتضحية وردم الخلاف وتفادي الانخراط في المتاعب مع الآخرين وغيرها.
والسعادة عموماً ليست وصفة يمكن تحضيرها، بل هناك وسائل لاستحضارها، كي نعيش حياة أفضل. وعلى الزوجين كليهما أن يتعاون في رؤية الحياة من الجانبين، بحلولها ومرها. وقد يوجد السمّ في العسل أحياناً، فيجب أن نستخلص الإيجابيّ من السلبيّ حتى في أحلك الظروف.
والآن سنبسّط الوسائل التي تبيح الحدّ من العوامل السلبية بينهما:
- ابدأ بتقبل الواقع:
يقع انتقاد الآخر في خمس قواعد: انتقاد السلوك، انتقاد المشاعر، انتقاد الشخصية، إلقاء التهم الجزافية، انتقاد النوايا. ولن تدوم أي علاقة ما لم تشتمل على نوع من تقبّل الآخر. وليس التقبّل مستحيلاً، فعلينا أن نبدّل بعض الخطط ونغيّر بعض عاداتنا التي ربما ولدنا بها حتى تستمرّ العلاقة الزوجية. تفهّم سمات الآخر واكتشف ما فيها من إيجابيات. كما ننصحك بعدم الاستخفاف بأحلام الآخر وأفعاله. وتذكّر أن انتقاد سلوك الآخر أفضل من انتقاد شخصيته. إن تقبل الآخر لا يعني أن تحبّ ما يفعله، بل تعزم على ألاّ تعارض عاطفياً تلك الأشياء التي قد لا تتغير.
- لا تجادل في ما يستعصي:
كفّ عن الجدال في المسائل التي لن تُحلّ أبداً أو تستعصي على الحلّ مؤقتاً. فكلّ خلاف قد ينتهي إلى الحلّ بالصبر والحنان والاهتمام. وفشل الحلّ في مشكلة حالية لا يعني إلا فقدان التواصل بين الطرفين. هناك حلول مؤقتة لمشكلات دائمة، لكنها تعتمد على مرونة الطرفين. وهناك فروق في شخصيتي الزوجين قد لا تمحى، وعلينا أن نبذل جهداً لمحو أسباب هذه الفروق لا الفروق نفسها. جاهد من أجل أن تكون عادلاً بين نفسك والطرف الآخر، ثم اسخر من هذه الفروق حتى لا تثير ضيقك على الدوام.
- خفف لكنة "أنا المصيب":
اعرف أن العلاقة الزوجية ستدوم على أساس الاحترام الثنائيّ بين الزوجين، وحدد قلقك المتخفي تحت أعماق رأيك الشخصيّ. تحكّم في رغبتك أن تقول: "أنا أعرف أحسن"، واستعمل المنطق أكثر حين تعبر عن رأي يخص الطرفين. إن رغبتك في أن يكون وحدك "المصيب" مثل السير في طريق ذي اتجاه واحد دائماً.
- غيّر المسلك الخطأ:
فرّق بين السلبية التي تعرفها ذهنياً وتلك السلبية الواقعية التي ترى بها الشريك الآخر. لا تثبت على مسلك خطأ، واسأل نفسك: ماذا أفعل لو كنتُ محلّ الآخر؟ فقد يفيد هذا في الوصول إلى حلول للمتاعب التي تواجهانها. تأكد حين يرفض شريكك بكلمة "لا"، أن "لا" ليست "جريمة". وتكيف مع المسلك الذي قد تراه خاطئاً، فقد يغيره الآخر بعد حين. ثم كن عطوفاً لطيفاً إيجابياً في العلاقة، فذلك مدعاة لجلب الآخر إلى رصيفك.
- لا تتوقع معجزات:
كن على يقين بأن الشريك الآخر قد يتغير لأسباب معقولة، فهو لا يفعل ذلك لأجل الآخر بل لأنه الصواب من وجهة نظره. استجب للتغيير الإيجابيّ واعتبره خطوة على الطريق ثم آمن بأن تغير الآخر سيجعلك سعيداً وراضياً. وتنبأ بالعقبات لتعمل على تذليلها. لا تُحقّر أيّ تغير بسيط فهو وسيلة لتغير أكبر. ابعد عينيك عن الكرة واجعل الهدف فقط نصب عينيك.
- اكشف الخفي منك:
هناك ثلاثة أنماط من الأشياء الخفية: الأول، الحبّ وقيمته (هل يهتم بي، يحبني، ويثق بي؟)، الثاني، المسؤولية (هل يهتم بأفكاري ومشاعري، ويميل لرغباتي؟)، الثالث، الوضعية (هل أظل في وضعية واحدة عند شريكي، هل يجب أن أفضّل احتياجاته على احتياجاتي؟). ولا تجعل ماضيك يؤثّر على حاضرك فيميت مستقبلك. ساعد الآخر على كشف الخفيّ فيه من دون أن يؤثر ذلك على علاقتكما بل لدعم حياتكما لتصبح أكثر سعادة بعد الكشف.
- لا تصعد نقاشا:
كلّ نقاش مصيره إلى زوال عاجلاً أم آجلاً، فلا تصعّد أيّ نقاش حتى لا يصل أبداً إلى نقطة الانفجار. اهدأ وابتعد عن التصعيد، وابق جالساً وقت الجدال المتنامي، واضمم يديك وقت أيّ نقاش حتى يبرد. تعلم أن تستخدم وقت التصعيد كلمتين: أنت على حق، أنا آسف. وحينما تحسّ بأن الطرف الآخر يميل إلى التهدئة تعاون معه، فذلك أدعى للسلام بين الطرفين.
- خفض اشتعالك الداخلي:
في ما يخص المشتعلين داخلياً، هناك قواعد: قس نبضك، تنفّس، اتخذ أحكاماً عادلة، فكّر بصورة عقلية منطقية، لا تتخذ وضع الضحية أو وضع المصيب على الدوام، واجلس أثناء أيّ نقاش. لا تطارد أحداً بالنقاش معه لو كان مشتعلاً. إن لحظات عدة من التنفس بالبطن ستساعدك على الاسترخاء. اعلم أنك حين تتهم الآخر وتصعّد النقاش معه بأنك تسيء إلى نفسك قبل أن تسيء إلى الآخر.
- احفظ السر بينكما:
لا تجعل نفسك مسؤولاً عن حلّ مشكلات الآخرين. النميمة هي "البطة السوداء" التي قد تجلب سوء الحظّ. لا تنخرط في صراعات الآخرين التي قد تستعصي على الحلّ. من يحشر نفسه بين الآخرين فإنه يستحقّ ما يناله. وبدلاً من نقاش مشكلاتك مع الآخرين جرّب نقاشها مع الآخر الذي تشاركه حياتك، فهو أولى وأسلم للعواقب. لو صادف أن ناقشت مسألة زوجية مع طرف ثالث، فاحك للطرف الآخر ما قلته بالضبط، فالمكاشفة مريحة وقد تجلب السعادة للطرفين.
- لا تستسلم للغواية:
من يستسلم للغواية ويقيم علاقة غرامية بعيداً عن زواجه شخص ضعيف، يفشل في تحقيق زواج ناجح. الخيانة بالمشاعر أقسى من خيانة الجسد أحياناً، فقلل من فرص التلاقي وحدك مع الآخرين. امتنع عن الغزل من أيّ نوع كان، وتخفف من خيالاتك المريضة بل تخيل العواقب السلبية لتلك الغراميات إذا ما كُشفت. داوم على الرومانسية في علاقتك الزوجية، فالسعيد من يتجنب الغيرة ولا يوجد سبباً للآخر كي يحسّ بالغيرة.
- تجنب العناد، وسامح:
إن التسامح يحدّ من ارتكاب الخطأ، لكن هناك قواعد: الصراحة، واتخاذ قرار ألا تعود ثم العمل على تنفيذه، ويساعد على هذا الحبّ والثقة وعمق المشاعر نحو الطرف الآخر. كلما سنحت لك الفرصة عبّر عن الألم، وسامح حتى لو لم تكن مقتنعاً بذلك. تأمل أو اتخذ الصلاة سبيلاً للمغفرة، وواظب على استعمال كلمة "أسامحك" بقدر ما تستعمل كلمة "أحبك"، واعلم أن التسامح يبدأ بقرار وليس مجرد شعور. إن الاعتذار يهدئ لكنه لا يُشفي.
- لا تستحضر الماضي:
لا تغلق نقاشاً بشأن الماضي، فبعض الأزواج يهوون الكشف عن الماضي من حين إلى آخر، لكن يجب أن تحد من هذا السلوك كي لا تثير حنق الآخر. حين تشكك في ما يجب عليك فعله تجاه الآخر، استسلم لرغباته وعش حياتك معه كأن الماضي لم يكن، فلا يجب أن يغلق هذا الماضي طريق المستقبل.
- تفاد حوارات القتلة:
قد يتحول نقاش بسيط إلى صراع، وعندها على المتصارعين أن يخفض أحدهما جناح الذل من الرحمة للآخر، كي تمر العاصفة بسلام وأمان. هناك آليات للنقاش، علينا أن نتفادى الحطّ منها بل نحترم آراء ورغبات كل طرف والقول مثلاً: أنا منزعج، هيا نخرج قليلاً، وسنرتب الوضع الليلة.. إلخ. تحدث في العموميات، مثل هكذا الحياة، أو تكلّم بدعابات الطفولة، أو التعليقات الأبوية، ولا تعرض حلولاً إن لم تُسأل. الخلافات بين الزوجين لا تنقطع، لكن لا يجب تجريح الآخر، وحين تتطور الأمور هناك عدة وسائل للتهدئة واستنفاد مخزون الغضب.
- تقليل القياس المزدوج:
كن أميناً في تعاملك مع الآخر، ولا تسمح لنفسك بالتصرف المزدوج أي أن تسمح لنفسك بما لا تسمح به لغيرك، واسع إلى التوازن دائماً في تصرفاتك تجاه نفسك وتجاه الطرف الآخر. إن القياس المزدوج هو آفة الزواج، ويقوم كثير من المتزوجين بتطوير هذا القياس الخاطئ، ما يزيد الطين بلة، وهو من علامات الجهل التي يجب النظر فيها بعقلانية، حتى لا تتسبب في فقدان الثقة لدى الطرف الآخر.
- تخلّص من الأوهام:
إن انخفاض الرغبة بين الطرفين ليس دليلاً على السنّ، بل هي نوع من فقدان الجدّة، أو الاعتياد، أو الهموم، أو القلق من المستقبل وغيرها. ابتعد عن تصديق من تبثه ميديا الإعلام من خرافات أحياناً، ولا تجعلها تملي عليك آراءها الخاطئة غالباً. عليك أن تعرف ما يزيد حبك اشتعالاً، واعرف أنه لا توجد حياة كاملة بين أيّ زوجين. تعاون مع الطرف الآخر على استدراك النقائص سعياً إلى الكمال، فهو سبيل السعادة المفترض.