طارق ابن زياد فاتح الاندلس



صاحب الخطبة الشهيرة: العدو من أمامكم و البحر من ورائكم



ولد طارق بن زياد في القرن الأول الهجري -50هـ- أصله: كان بربريًا أمازيغيا من إفريقيا حسب المؤرخ إبن خلدون ومن قبيلة نفزة البربرية، و على وجه الخصوص من المنطقة الواقعة على ضفاف وادي تافنة بالغرب الجزائري
والى حد اليوم توجد مدينة في اسبانيا تحمل اسم هذه القيبلة. يعتبر طارق بن زياد من أشهر القادة العسكرين في التاريخ و يحمل جبل طارق جنوب اسبانيا أسمه حتى يومنا هذا و قد توفي في سنة 720م.
وأسلم على يد موسى ابن نصير ، وكان من أشد رجاله، فحينما فتح موسى بن نصير طنجة ولى عليها طارقا سنة 89ه، وأقام فيها إلى أوائل سنة 92 ه ولما أراد موسى بن نصير غزو الأندلس جهز جيشا من 12 ألف مقاتل من البربر و300 من رجال الدين اليمنيون واسند قيادة الجيش إلى طارق بن زياد. واستغل رجال الدين اليمنيون نفوذهم الديني وتزعم كل واحد منهم قبيلة من قبائل البربر واصبحوا السلطة الظاهرية في الاندلس,الى ان حجم نفوذهم عبد الرحمن الداخل بمساندة من اخواله قبائل زناتة والتي كانت تتمتع بنفوذ قوي في الاندلس.


فتحه للأندلس

ونزل طارق بجنوده البحر واستولى على الجبل الذى سمي جبل طارق، وفتح حصن قرطاجنة، وتغلغل في أرض الأندلس.
قاد طارق بن زياد جيش المسلمين في معركة وادي لكة بينه وبين القوط الغربيين وأغلب الظن أن هذه المعركة فيها قتل رودريك (لذريق) ملك القوط. اتجه بعدها طارق شمالا نحو اشبيلية ففتحها، وكلف بفتح قرطبة ،ومالقة’ ثم فتح طليطلة عاصمة الأندلس، وتوجه شمالا فعبر وادى الحجارة، وواديا أخر سمى فج طارق، وكان بذلك قد تمكن من فتح عدة مدن منها مدينة سالم التى يقال إن طارقا عثر فيها على مائدة سليمان.
وعاد طارق إلى طليطلة سنة 93 هـ، فالتقى بموسى بن نصير وكان قد حذره من التوغل في الفتوح والمغامرة بمن معه من الجنود فعاقبه بالعزل من القيادة. وأعاد الوليد ابن عدي الملك طارقا إلى القيادة وأصلح ما بينه وبين موسى بن نصير، فعاد طارق إلى غزواته، وصعد من طليطلة شرقا إلى منابع نهر التاجة، واحتل طرطوشة، وبلنسية، وشاطبة، ودانية. واستدعى الوليد بن عبد الملك طارقًا إلى الشام، فرجع هو وموسى بن نصير سنة (96هـ) بعد أن فتح الله عليه بلاد الأندلس. وتوفى طارق بن زياد نحو عام (102هـ).
طارق بن زياد بشجاعته وذكائه و عندما وصل أسطول جيشه إلى شواطىء جنوب أسبانيا أمر بحرق السفن و قال عبارته الشهيرة"أيّها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائهم ، والعدوّ أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر". الواضح أن التأريخ لشخصية طارق بن زياد يحتاج الخروج من منطق البطولات الي التحليل العميق المنبني على مصادر دقيقة في البحث، خاصة تلك التي تفيد في التوصل إلى معطيات تاريخية غير تلك المتعرف عليها، منها مثلا مدى انسجام عمله العسكري مع طبيعة النظام العسكري الإسلامي الحديث بالمنطقة، ثم مدى صحة المعلومات الواردة حول وصوله إلى جبل طارق واستمراره في إنجاح عملية وصول المد الإسلامي إلى المنطقة.

خطبة طارق ابن زياد



لما علم طارق بقدوم جيشٍ للأعداء كبيرٍ يقوده الملك "لُذَرِيقُ " طلب من موسى تعزيزا فأرسل له خمسةَ آلاف جندي، فأعدَّ طارق جيشه وألقى خطبته المشهورة قائلا فيها:



(أيها الناس: أين المفر؟ البحر من ورائكم والعدوّ أمامكم، وليس لكم -والله- إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام على مائدةاللئام. وقد استقبلكم عدوّكم بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوّكم. وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم -ولم تُنجزوا لكم أمراً- ذهبت ريحكم، وتعوَّضت قلوبكم من رُعبها منكم الجرأة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية، فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة، وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن إن سمحتم لأنفسكم بالموت. وإني لم أحذركم بأمر أنا عنه بنجوة، ولا حملتكم دوني على خطة أرخص متاعٍ فيها النفوس. أبدأ بنفسي، واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشق قليلاً استمتعتم بالأرفه الألذّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه بأوفر من حظي. وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الخيرات العميمة. وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عرباناً، ورضيكم لملوك هذه الأرض أصهاراً وأختاناً، ثقةً منه بارتياحكم للطعان، وسماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان ليكون حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مغنمها خالصة لكم من دونه ودون المؤمنين سواكم، والله تعالى ولي إنجازكم على ما يكون لكم ذكر في الدارين.
واعلموا أني أول مجيب إلى ما دعوتكم إليه، وإني عند ملتقى الجمعين حامل بنفسي على طاغية القوم (لذريق) فقاتِلُه -إن شاء الله تعالى- فاحملوا معي،فإن هلكت بعده فقد كُفيتُم أمره، ولم يعوزكم بطل عاقل تسندون أموركم إليه، و إن هلكت قبل وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا الهمّ من فتح هذه الجزيرة بقتله).