عروة الرجل الزاهد العابد

كان عروة ابن أذينة رجلا زاهدا قنوعا ، وله في ذلك اشعار كثيرة ، ألحت عليه الحاجة يوما فوفد من الحجاز إلى الشام ودخل على هشام بن عبد الملك في جماعة من الشعراء ، فلما دخلوا عليه قال لعروة : الست القائل لقد علمت وما الاسراف من خلقي أن الذي هو رزقي سوف يأتيني أسعى إليه فيعييني تطلبه ولو قعدت أتاني لا يعنيني.

وما أراك فعلت كما قلت ،فإنك أتيت من الحجاز الى الشام في طلب الرزق ، فقال عروة : لقد وعظت يا امير المؤمنين فبالغت في الوعظ ، واذكرت ما أنسانيه الدهر ، ثم خرج من فوره الى راحلته فركبها وتوجه راجعا الى الحجاز.
ومكث هشام يومه غافلا عنه، فلما كان الليل ، استيقظ من منامه وذكره،وقال مع نفسه : رجل من قريش ، قال حكمة ، ووفدا لي ، فجبهته ....أي أخجلته ورددته عن حاجته ، وهو مع هذا شاعر لا آمن لسانه.

فلما اصبح سأل عنه ، فاخبروه بانصرافه ، فقال : لا باس ، ليعلمن ان الرزق سياتيه ، ثم دعا بمولى له ، واعطاه ألفي دينار ، وقال له : الحق بهذا عروة بن اذينة فاعطه إياها.
فلم يدركه إلا وقد دخل بيته ، فقرع عليه الباب فخرج ، فاعطاه المال ، فقال له : أبلغ امير المؤمنين السلام ، وقل له : كيف رأيت قولي ؟ سعيت فأكديت ، ورجعت إلى بيتي ، فأتاني فيه الرزق.