الحمد لله القائل :{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } [الذاريات:55].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له القائل في وصف أهل قباء : { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ } [ التوبة108]، وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنه أن هذه الآية نزلت فيهم لأنهم كانوا يتبعون الحجارة الماء أثناء الاستنجاء. أخرجه البزار.

وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله القائل: "استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه" ،أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

اللهم صل وسلم عليه وعلى أصحابه الغر الميامين الذين كانوا يحبون أن يتطهروا..فكانوا لذلك من الطاهرين..وكانوا رجالا كما تحدث الله سبحانه وتعالى عنهم في قوله : { رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [النور:38،37 ].

أمــــا بعد،

فيا جماعة المسلمين، ويا أتباع محمد صلوات الله وسلامه عليه.. في هذا الموضوع المبارك بمشيئة الله تبارك وتعالى وتوفيقه رأيت أن أذكركم وأذكر نفسي أولا بموضوع هام قد يستهين به أكثرنا..وقد لايفكر فيه..مع أنه يعتبر من الأساسيات التي يتوقف عليها صحة الوضوء..وما بعده من صلاة..ألا وهو الاستبراء من البول الذي يجهله أكثر المسلمين وأعني به تصفية مجرى البول قبل الاستنجاء..وذلك بنحو نحنحة، أو القيام والقعود، أو بخطوة إلى الأمام ثم إلى الخلف..وبالعصر باليد اليسرى مع النتر إلى أسفل ثلاث مرات على الأقل..حتى يتحقق له أن ماكان في مجرى البول قد نزل..ثم بعد ذلك يستنجي بالماء..أو بالحجر والماء..كما جاء في الحديث الذي سبق..مع ملاحظة أن المرأة بطبيعتها لا استبراء لها..وإنما عليها أن تنتظر حتى تصفي نفسها تماما ثم تستنجي بالماء..ثم تتوضأ.

إن أكثر المسلمين للأسف الشديد لا يلاحظون هذا..ولهذا فإنهم قد يصلون بدون وضوء..لأن الذي يحدث منه بعد انتهاء التبول مباشرة..هو أنه يستنجي ثم يقوم لكي يتوضأ..فيحدث بعد ذلك أن ينزل الماء الذي كان متيقيا في مجرى البول في ثيابه الداخلية فتتنجس وهو لايدري..ثم عندما يتوضأ بعد ذلك فإن الوضوء سيكون باطلا..لأنه بني على باطل..وما بني على باطل فهو باطل..وكذلك إذا صلى فإن الصلاة ستكون باطلة..لأنها بنيت على باطل.

** ولهذا، فقد ورد في الحديث الشريف عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال ((إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير!بلى إنه كبير : أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لايستتر من بوله)) متفق عليه. وهذا لفظ إحدى روايات البخاري،قال العلماء: معنى "وما يعذبان في كبير" أي كبير في زعمهما.وقيل:كبير تركه عليهما.

فعلى الأخوة المسلمين الأعضاء أن يلاحظوا كل هذا وينفذوا المراد منه..حتى يكونوا إن شاء الله تعالى من المطهرين الذين يحبهم الل تبارك وتعالى..

والله ولي التــوفيق.



مقتبس من أحد خطب فضيلة الشيخ طه عبد الله العفيفي