قال الإمام العلامة السلفي الكبير مبارك بن محمد الميلي رحمه الله أمين مال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
وصاحب الكتاب الموسوعة (الشرك ومظاهره) الذي قام بتهذيبه الشيخ العلامة سعد الحصين حفظه الله
قصيدة العقبي وتأثيرها في الأمة:
ولكن ((أتى الوادي فطم على القرى)) إذ حمل العدد الثامن في نحره المشرق قصيدة ((إلى الدين الخالص)) للأخ في الله داعية الإصلاح وخطيب المصلحين
الشيخ الطيب العقبي
فكانت تلك القصيدة أول معول مؤثر في هيكل المقدسات الصوفية. ولا يعلم مبلغ ما تحمله هذه القصيدة من الجراءة ومبلغ ما حدث عنها من انفعال الطرقية،
إلا من عرف العصر الذي نشرت فيه وحالته في الجمود والتقديس لكل خرافة في الوجود.
حالة موجبة للإستعمار، وعظة موجبة للإعتبار:
ماتت السنة في هذي البلاد ** قبر العلم وساد الجهل ساد
وفشا داء اعتقاد باطل ** في سهول القطر طرا والنجاد
عبد الكل هواء شيخه ** حده ضل، فضل الإعتقاد
حكموا عاداتهم في دينهم ** دون شرع الله إذ عم الفساد
لست منهم لا ، و لامني همو ** ويلهم يا ويلهم يوم المعاد
يوم يأتي الخلق في الحشر وقد ** نشروا نشر فراش وجراد
يوم لا تنفعهم معذرة ** ولظى مأواهم بئس المهاد
يصهر الساكن في أطباقها ** كلما أحرق منه الجلد عاد
وكل الله بمن حل بها ** جمع أملاك غلاظ وشداد
أكلهم فيها ضريع، شربهم ** من حميم لبسهم فيها سواد
كلما فكرت في أمرهم ** طال حزني وتغشاني الهساد
نصيحة غالية:
أيها الأقوام إن تبغوا الهدى ** ما لكم ـ والله ـ غير العلم هاد
إنني أنصحكم نصح امرئ ** ما له غير التقى والخوف زاد
كلما ينقص يوما عمره ** خوفه من هول يوم الحشر زاد
ما زرعتم في غد تلقونه ** ليس يجدي ندم يوم الحصاد
اعتقاد نقي واتصاف به:
أيها السائل عن معتقدي ** يبغي مني ما يحوي الفؤاد
إنني لست ببدعي ولا ** خارجي دأبه طول العناد
يحدث البدعة في أقوامه ** فتعم الأرض نجدا و وهاد
لست ممن يرتضي في دينه ** ما يقول الناس زيد أو زياد
ليس يرضى الله من ذي بدعة ** عملا إلا إذا تاب وهاد
بل أنا متبع نهج الألى ** صدعوا بالحق في طرق الرشاد
حجتي القرآن فيما قلته ** ليس لي إلا على ذاك استناد
وكذا ما سنه خير الورى ** عدتي وهو سلاحي والعتاد
وبذا أدعو إلى الله ولي ** أجر مشكور على ذاك الجهاد
منكم لا أسأل الأجر و لا ** أبتغي شكركم بله الوداد
مذهبي شرع النبي المصطفى ** واعتقادي سلفي ذو سداد
خطتي علم وفكر ونظر ** في شؤون الكون بحث واجتهاد
وطريق الحق عندي واحد ** مشربي مشرب قرب لا ابتعاد
اعتقاد شركي وبراءة منه:
لا أرى الأشياخ في قبضتهم ** كل شيء بل همو مثل العباد
وعلى من يدعي غير الذي ** قلته إثبات دعوى الإتحاد
قال قوم:" سلم الأمر لهم ** تكن السابق في يوم الطراد
تنل المقصود، تحظى بالمنى ** وترى خيلك في الخيل الجياد"
قلت:" إني مسلم ـ ياويحكم ـ ** ليس لي إلا إلى الشرع انقياد
قولكم هذا هراء أصله ** ما روت هند وما قالت سعاد
أنا لا أسلم نفسي لهم ** لا، ولا ألقي إليهم بالقياد
لست أدعوهم كما قلتم وقد ** عجزوا عن طرد بقٍّ أو قراد
لست من قوم على أصنامهم قد عكفوا ** يدعونها في كل ناد
كلما أنشد شاد فيهم ** قول شرك ذهبوا في كل واد
كم بنوا قبرا، وشادوا هيكلا ** وصروح الغي بالجهل تشاد
غرهم من داهنوا في دينهم ** وارتضوا في سيرهم ذر الرماد
سوء أثر الطرقية في المجتمع:
إنني ألعنهم مما بدا ** حاضر في إفكه منهم وباد
وأنا خصم لهم أنكرهم ** كيفما كانوا جميعا أو فراد
علمونا طرق العجز وما ** منهم من لسوى الشر أفاد
طالما جدَّ الورى في سيرهم ** وهم كم صدهم طول الرقاد
السيادة النافعة:
إن سادات الورى قادتهم ** بعلوم ما حدا بالركب حاد
وهم ردئي وعوني نصرتي ** ووقائي ما اعتدت تلك العواد
تلكم السادة ما صدهم ** عن هدى دينهم في الحق صاد
ضروب من البدع:
لست أدعو غير ربي أحدا ** وهو سؤلي وملاذي والعماد
وله الحمد فقد صيرنا ** بالهدى فوق نزار وإياد
فاعبدوا ما شئتم من دونه ** ما عناني منكم ذاك العناد
لست منقادا إلى طاغوتكم ** بظبي البيض والسمر الصعاد
لم أطف قط بقبر لا ،ولا ** أرتجي ما كان من نوع الجماد
لست أكسو بحرير جدثا ** نخرت أعظمه من عهد عاد
لا أشد الرحل أبغي حجه ** قربة تنفعني يوم التناد
حالفا كل يمين أنه ** سوف يقضي حاجتي ذاك الجواد
لا أسوق الهدي قربانا له ** زردة يدعونها أهل البلاد
الزيارة السُنِيَّة:
وفراري كلما أفزعني ** حادث يلبسني ثوب الحداد
للذي أطلب رزقي دائما ** منه، إذ ليس لما يعطي نفاد
داعيا ربي لهم مستغفرا ** لقبور مات من فيها وباد
وإذا زرت أزر معتبرا ** راجيا للكل في الخير ازدياد
والذي مات هو المحتاج لي ** هكذا أقضي ولا أخشى أنتقاد
الدعاء الشرعي والشركي:
لا أنادي صاحب القبر أغث ** أنت قطب، أنت غوث وسناد
قائما أو قاعدا أدعو به ** إن ذا عندي شرك وارتداد
لا أناديه، ولا أدعو سوى ** خالق الخلق رؤوف بالعباد
من له أسماؤه الحسنى وهل ** أحد يدفع ما الله أراد؟
مخلصا ديني له ممتثلا ** أمره لا أمر من زاغ وحاد
الاتكال على الكبير المتعال:
حسبي الله، وحسبي قربه ** علمه ، رحمته، فهو المراد
و أرجو من الله العلي القدير أن يوفقنا إلى الخير.