قصتنا اليوم كالعادة تعالج جانبا من الجوانب ..
...
مشاغل الحياة ، تعددت مطالب الحياة في هذا الوقت وتنوعت الطموحات حتى صار الفرد يجري ورائها متناسيا واجباته تجاه من خلقه ، تاركا وراءه مشاعر المجتمع اللذي هو فرد فيه ، فهل بالضرورة أن يكون هناك شخص آخر يخرج هذا الفرد من هذا العالم المزيف .
ها هو صالح يجلس ويشاهد التلفاز ، في هذه اللحظة يدخل أبوه ومعه جاره مصطفى ، صالح ينظر إليهم نظرة عدم الترحيب واللا مبالات ، يمد مصطفى يده لصالح ، لكن صالح يلتفت للجهة الأخرى .
أحس مصطفى أن صالحا لا يرغب في وجوده ، فمشى باتجاه المخرج قائلا يبدو أنني أتيت في وقت غير مناسب ، السلام عليكم ، الأب يصعد السلالم من الخجل ،وبعد أن إطمئن صالح أن أباه في حجرته جرى ليلحق جاره معتذرا منه وأدخله البيت وأكرمه إلى أن إنصرف .
الأب ينزل من السلالم ينظر إلى إبنه بنظرات الغضب ، يقف أمامه قليلا ثم يبدأ حوار بين الأب وإبنه
الأب :صارخا لماذا فعليت هكذا .
الإبن : أعلم أني جرحتك بتصرفي يا أبي سامحني .
الأب : يمد يده لك فترفضها وتقول من بعد سامحني كيف ذلك .
الإبن :وأنت أيضا تفعل كذلك .
الأب : متى .
الإبن : تفعل ذلك كل يوم صباحا ومساءا ، ليلا ونهارا .
الأب : أدخل في صلب الموضوع يا صالح فأنا لم يتبقى من صبري إلا القليل .
الأبن : يمد يده لك ليلا ونهارا ولا تمد يدك ، يمدون لك أيديهم صباحا ومساءا ولا تمد يدك لهم
الأب : ومن هؤلاء اللذين لا أمد لهم يدي ، أتحسبني مغفلا مثلك .
الإبن : الله يمد لك يده في الليل والنهار لتتوب وتعود إلى طاعته ، الفقراء والمساكين يمدون أيديهم لك صباحا ومساءا لتساعدهم ، أنت غضبت وخجلت لأنني لم امد يدي لمصافحة جاري ، وأنا أبكي وأخجل ليلا ونهارا لأني أراك ترفض يد الله للتوبة ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) ، أنت لا تصلي يا أبي ولا تصوم ،وابكي أيضا لأيادي الفقراء والمحتاجين اللتي لا تعيرها إهتماما ، كل همك هو جمع المال فقط ، لقد أصبحت من أكبر أغنياء المدينة ألا يكفيك هذا ، أما آن الأوان لتلتفت لمن خلقك وتعير المحتاجين بقليل من الإهتمام ، انا خائف عليك يا ابي ،اخاف أن تبقى ظالا طريقك ، الندم آت لا محالة اليوم أو غدا اخاف أن يأتيك في وقت لا ينفع فيه الندم .
سقط الأب على ركبتيه من هول ما سمع ، ثم ظم أبنه إلى صدره وقال ، صدقت يا بني لقد زرعت في ما لم أزرعه فيك ، لقد إهتممت بي في حين نسيت عائلتي وربي ومجتمعي في سبيل طموحي أرجو أن يغفر لي ربي .
...
أخي ، أختي مهما كانت طموحاتكم ومطالبكم الدنيوية ،لا تنسوا واجباتكم تجاه من خلقكم ،وواجباتكم تجاه المحيط اللذي تعيشون فيه
...