محطم التتار والروافض والصليبيين :: الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام علي خاتم النبيين محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم
بإحسان إلي يوم الدين .
وبعد
قال سبحانه وتعالي
((كنتم خير أمة أخرجت للناس ))
لم تنجب أمة في تاريخ البشرية , أبطال عظام مثل أمة الاسلام , ولو جاءت كل أمة من أمم الارض بأبطالها , وجاءت أمة الاسلام بنصف أبطالها لغبت
أمة الاسلام والحمد لله رب العالمين ..
وهنا نأتي علي سيرة الاسد الضاري وصاحب , القدر العالي محطم التتار والروافض والصليبيين , الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري الصالحي النجمي ..
رحمة الله عليه .
محطم التتار والروافض والصليبيين :: الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري
شعار السلطان بيبرس
مولده ونشأته
الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري الصالحي النجمي أبو الفتوح بن عبد الله، كان مولده في حدود سنة 620هـ في صحراء القفجاق
كازاخستان حالياً من قبيلة تركية كبرى، ونتيجة الزحف المغولي الأول بقيادة جنكيز خان وتحطيم الممالك الإسلامية في الشرق تدافع الناس هاربين، وتم أسر الألوف وبيعهم في سوق الرقيق، وكان بيبرس واحداً من هؤلاء الرقيق.
وأخذه تاجر واتجه به غرباً، وتم بيعه في دمشق للعماد الصائغ، ثم اشتراه علاء الدين الصالحي البندقداري الذي كان معتقلاً في قلعة حماه لدى صاحبها الملك المنصور، وقد رفضت والدة الملك المنصور شراء بيبرس لأنها رأت في عينيه
شراً لائحاً، فاشتراه مع زميله علاء الدين البندقداري، ومنه أخذ اسمه.
وقال الذهبي: اشتراه الأمير علاء الدين البندقداري الصالحي فطلع بطلاً شجاعاً نجيباً لا ينبغي أن يكون إلا عند ملك، فأخذه الملك الصالح منه.
ولما اشتراه الملك الصالح أعتقه وجعله من جملة مماليكه، وقدمه على طائفة الجمدارية لما رأى من فطنته وذكائه، وحضر مع أستاذه الملك الصالح واقعة دمياط..
بطل موقعة المنصورة
عندما قرر الصليبيون الزحف نحو القاهرة توفي الملك الصالح أيوب، وكانت محنة عظيمة ألمت بالمسلمين، وكان عمره عند وفاته 44 سنة، وقد عهد لولده
الملك المعظم تورانشاه ولم يكن موجوداً في مصر، وظهرت على مسرح الأحداث زوجته شجرة الدر وأدركت خطورة إذاعة خبر وفاة زوجها نجم
الدين على الجند، فقررت إخفاء خبر الوفاة، ولم يعرف ذلك إلا الخاصة وقدمت وثيقة تحمل توقيع السلطان بتعيين إسمه تورنشاه قائداً عاماً للجيوش
ونائباَ للسلطان اثناء مرضه، وخلال ذلك كان الصليبيون يتحركون جنوباً ووصلوا إلى مدينة فارسكور في الثاني عشر من ديسمبر 1249م، ومنها تقدموا إلى شار مساح ثم البرامون واصبح بحر أشمون هو الفاصل بين المسلمين
والصليبيين، وعند هذه المرحلة توقفت القوات الصليبية واقامت معسكرها على الضفة الشمالية وعملت على تأمين معسكرها بحفر الخنادق وإقامة المتاريس وظلوا على هذا حوالي شهر ونصف، ثم شرعوا في بناء جسر ليعبروا
عليه على الضفة الجنوبية لبحر أشموم، ولم تكن عملية إقامة الجسر بالأمر الهين، فقد أمطرهم المسلمون وابلاً من القذائف ولم يتمكنوا من إقامته وأخيراً نجح الصليبيون في التعرف على مخاضة دلهم عليها أحد الأقباط ، بعدها تمكنوا من
العبور إلى المعسكر الإسلامي وكانت خطة الملك لويس أن يعبر هو واخوته وجزء كبير من الجيش المخاضة إلى الجنوب، ويقوم بقية الجيش الصليبي بحراسة المعسكر الصليبي، وبعد إتمام عملية العبور تقوم الفرقة المخصصة
للحراسة باستكمال عملية إقامة الجسر، وإذا تم النصر على القوات الإسلامية في المنصورة يتقدم الجيش الصليبي إلى القاهرة، وكان في طليعة القوات الصليبية الكونت آرتو الذي شن على القوات الإسلامية المواجهة له هجوماً،
وحقق نصراً عليها، وعندما وصلت هذه الأخبار إلى الأمير فخر الدين أسرع بدعوة القوات الإسلامية والتحم مع الصليبيين في معركة عنيفة وقع فيها فخر
الدين شهيداً، فغسل بذلك عار إنسحابه من جيزة دمياط واغتر الكونت آرتو بالنصر الذي أحرزه ولم يبال بأوامر الملك لويس التاسع ونصائح القادة الصليبيين بالتريث حتى تتكامل القوات الصليبية وأراد أن ينفرد بشرف النصر لنفسه.
اغتر روبرت آرتو بقوته، وتابع زحفه إلى المنصورة لاقتحامها، والقضاء على الجيش الأيوبي، وأعرض عن توسلات الراوية بأن ينتظر وصول الملك والجيش الرئيسي، ونصحه بعضهم بالحيطة والحذر، ثم بادر، باقتحام المنصورة،
فأضحت المنصورة ساحة لحرب الشوارع !!!
وتولى قيادة المسلمين الأمير بيبرس البندقاري فأقام جنده في مراكز منيعة داخل المدينة، وانتظروا حتى تدفق الصليبيون بجموعهم إلى داخلها، ولما أدركوا أنهم بلغوا أسوار القلعة التي إتخذها المصريون مقراً لقيادتهم، خرج عليهم المماليك في الشوارع والحارات والدروب وأمعنوا في قتالهم،
ولم يستطع الصليبيون أن يلتمسوا لهم سبيلاً إلا الفرار، فوقع الاضطراب بين الفرسان ولم يفلت من القتل إلا من ألقى بنفسه في النيل، فمات غريقاً أو كان يقاتل في أطراف المدينة.، وكانت المنصورة مقبرة الجيش الصليبي ...
تعددت صور شجاعة هؤلاء المماليك في التعدي لأعداء الإسلام وشهد التاريخ ببسالة الدور الذي لعبه المماليك في مقاومة الصليبيين
فذكر جوانقيل آن الكونت بواتييه والكونت فلاندر
وبعض قادة قواتهم أنهم كانوا يرسلون إلى الملك لويس يتوسلون إليه: أن يقصر عن الجريمة لعجزهم عن متابعته لضغط المماليك الشديد عليهم. ويقول ثم جاء للكونتابل جندي كان يعمل صولجاناً ويرتجف خوفاً وأخبره أن الترك
قد أحدقوا بالملك وأنه في خطر عظيم فرجعنا، وأبصرنا بيننا وبينه ما لا يقل عن ألف مملوك والملك قريب من النهر والمماليك يدفعون قواته ويضربون
السيوف والصولجانات وأرغم القوات الأخرى على التقهقر....
وقد وصفهم أحد المؤرخين عن تلك المعركة بقوله: والله لقد كنت أسمع زعقات الترك كالرعد القاصف ونظرت إلى لمعان سيوفهم وبريقها كالبرق الخاطف فلله درهم لقد أحيوا في ذلك اليوم الإسلام من جديد بكل أسد من الترك قلبه من حديد، فلم تكن إلا ساعة وإذا بالأفرنج قد ولوا عل أعقابهم منهزمين وأسود الترك لأكتاف خنازير الأفرنج ملتزمين.
ولم يقو الملك على القتال ، وتم تطويق الجيش بأكمله، وحلت به هزيمة منكرة، ووقع كل أفراده تقريباً بين قتلى وجرحى وأسرى، حيث سيق مكبلاً إلى المنصورة، وسُجن في دار فخر الدين إبراهيم بن لقمان وعُهد إلى الطواش
صبيح بحراسته وخُصّص من يقوم بخدمته، وكانت معظم الحرب في فارسكور، فبلغت عدَّة القتلى عشر’ آلاف في قول المقل وثلاثين ألفاً في قول المكثر وأسر
من الفرنج عشرات الألوف بما فيهم صناعهم وسوقتهم، وغنم المسلمون من الخيل والبغال والأموال ما لا يحصى كثرة وأبلت الطائفة المملوكية البحرية
لا سيما بيبرس البندقداري فقد أبلي في هذه المعركة بلاءاً حسناً برز بيبرس عندما قاد جيش المماليك في المنصورة ضد الصليبيين فقد شن الفرنجة هجوماً مباغتاً على الجيش المصري مما تسبب بمقتل قائد الجيش فخر الدين بن
الشيخ وارتبك الجيش وكادت أن تكون كسرة إلا أن خطة معركة أو مصيدة المنصورة التي رتبها بيبرس، القائد الجديد للمماليك الصالحية أو البحرية وبموافقة شجرة الدر التي كانت الحاكمة الفعلية لمصر قي تلك الفترة بعد موت
زوجها سلطان مصر الصالح أيوب. فقاد الهجوم المعاكس في تلك المعركة ضد الفرنج، وتسبب بنكبتهم الكبرى في المنصورة. التي تم فيها أسر الملك الفرنسي لويس التاسع وحبسه في دار ابن لقمان.