بسم الله الرحمن الرحيم
قال الأصمعي : " أقبلت ذات مرة من مسجد البصرة فطلع أعرابي جاف على قعود له متقلداً سيفه و بيده قوسه فدنا
و سلم و قال : ممن الرجل ؟
قلت : من بني أصمع .
قال : أنت الأصمعي ؟
قلت : نعم .
قال : ومن أين أقبلت ؟
قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن .
قال : وللرحمن كلام يتلوه الآدميون ؟
قلت : نعم .
قال : فاتل على منه شيئا .
فقرأت " والذاريات ذروا " إلى قوله " وفي السماء رزقكم وما توعدون " .
فقال : يا أصمعي حسبك !! .
ثم قام إلى ناقته فنحرها وقطعها بجلدها ، وقال : أعني على توزيعها ، ففرقناها على من أقبل وأدبر ، ثم عمد إلى سيفه
وقوسه فكسرهما ووضعها تحت الرحل وولى نحو البادية وهو يقول :" وفي السماء رزقكم وما توعدون " .
فمقت نفسي ولمتها ،
ثم حججت مع " الرشيد " ، فبينماأنا أطوف إذا أنا بصوت رقيق ، فالتفت فإذا أنا بالأعرابي وهو
ناحل مصفر ، فسلم على وأخذ بيدي وقال : اتل على كلام الرحمن ، وأجلسني من وراء المقام فقرأت : " والذاريات "
حتى وصلت إلى قوله تعالى : " وفي السماء رزقكم وما توعدون "
فقال الأعرابي : لقد وجدنا ما وعدنا الرحمن حقا ، وقال : وهل غير هذا ؟
قلت : نعم ، يقول الله تبارك وتعالى : " فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " .
قال : فصاح الأعرابي وقال: يا سبحان الله ! من الذي أغضب الجليل حتى حلف ! ألم يصدقوه في قوله حتى ألجئوه إلى اليمين ؟ فقالها ثلاثا وخرجت بها نفسه !!!.
__________________