أحبك.. ولكن ؟!
عدتُ أسأل..
أضربُ كفًّا بكفٍّ
أوجِّهُ الأسئلة التائهة
إلى كلِّ ما حَولي
وتَضيع الأجوبةُ في الحناجر
في دُجى الحيرة
عدتُ أسأل أُخرى
أبحثُ عن الحقيقة
بَيْنَ الأماني العابرة
والأحلامِ الغزيرة
أبحثُ عنِ الحقيقة
في الأفقِ السَّحيق
في ليلةٍ لا نهايةَ لها
في قاعٍ لا قرارَ لهُ
أبحثُ.. ولَم يبقَ إلاَّ سؤالٌ
مفقودُ الإجابة
لَم تُقطَع جُذورُه
ويَبقى السِّرُّ في غِمدِه
مجهولَ الهويَّة
أعُودُ فأسألُ.. مِن نقطةِ البداية
أهيجُ في فلكِ الأسئلة
وأصرخ: أحبُّك ولكن..؟!
سجين وحدتي..
هكذا حالي..
بَعدَ رحيلك عني
لا فرقَ بينَ أيامي
كلُّها تمرُّ دونَ أنْ أدري
وهي محسوبةٌ مِن عمري
يمضِي الوقتُ ولا يمضي عليّ..
كأني خارجٌ عن زماني
هكذا حالي..
سجينُ وحدتي..
بينَ كتابي وقلمي
أحدِّثُ كتابي
وأنطقُ بقَلَمي
كِلاهُما يُديرُ عجلةَ حياتي
كِلاهما يترجمُ حالتي
هكذا حالي
هنا أبوحُ بسرِّي
وهناكَ أدفنُ جُروحي
وبين هذا وذاك يكُونُ عذابي.
هكذا حالي
سجين وحدتي..
أحاسيس صامتة..
آه.. لو تدري!.
كم عانيتُ واللَّيلُ يطويني
والظَّلامُ ينسجُ خُيوطَهُ مِن حَولي
آوِيْ إلى نفْسِي والدُّموعُ ذارفاتٌ منِّي
وما لي غيرُ صَمتِي وصَدَى أنيني
وأبياتُ شعرٍ تُوَاسِيني
آه.. لو تدري!
وتقرأُ في عينيَّ لهفتي
وتسمعُ في صمتي صدى همسي
لو تدري لِمَن تغرِّدُ الطُّيُور؟
ولمنْ يشفق البدرُ.. سامراً؟
ومن تناجيه أنجمُ اللَّيالي؟
غير الذي بات الدجى يناجي..
آه لو تدري!
حين ينبضُ الفؤادُ بذكراك
حين تهبُّ الرِّياحُ
والأمواج تغدُو مضطربةً.. هَيجاناً
حين أرسلُ إليك أحاسيسَ صامتة
وأكاليلَ مِن زهورِ أشواقي النَّدِيَّة
حينَ تتدفقُ ينابيع الحبِّ في عروقي
ويهجرُ إليك عقلي.. من دُوني
آه.. لو تدري!
كم تبسَّمتُ لطيفك الساكنِ خَيالي
كم زالت برَسمِك أحزاني
وهزَّت خطواتُكَ الساكنةُ جوانحي
كم لبَّت نداءَ عينيك عيناي
واستجابت لحبك جميعُ أحاسيسي
لو تدري! آه.. لو تدري!..
ما سئمت الانتظار..
كم مِن لحظةٍ مرَّت
كم من ساعةٍ تعدُّ نفسها لقَتلِي
كم من ليلةٍ اقتلعت جذورَ قلبي
ولكني أحببت البقاءَ تحت وَقْعِ الانتظار
مهما نزل المطرُ وصارَ غزيراً
مهما اشتدَّت بي لفحةُ الشَّمس
وتقاذفَتني الأعاصيرُ والعواصف
ما اهتزَّ في داخلي جبلُ الانتظار
هو قلعَتي وموطني
هو إحساسي ومنعطَفُ حياتي
ليكنْ للانتظار شوقٌ بألم
ليكن له أملٌ في قالب حزنٍ شديد
ليكن صعباً.. ليكن شاقًّا
ليكن طريقهُ مفروشاً بالشوك قبلَ الورود
لكنَّه يظلُّ لي كناظرٍ
إلى حسناء تطلُّ طلَّةَ القمر..
إن قامت تاهَتِ الأعناقُ تراها
وإن أرسلَتِ الشَّعرَ تدلَّى مِن عَلَيها
كليلٍ أسدلَ السِّتار على ضوءِ النهار
إن تبسمتْ حيَّرَتِ العقول.. وإذا ما همستْ طابَ العليل
وشاع الصَّمتُ لهَمسها، وسادَ السكون.
هكذا الانتظارُ لي
في صباحي ومَمْسَاي
وبين ضفتي حياتي.. مِن مولدي إلى حين مَمَاتي
وما راودني قطُّ فيه سأمٌ.. مهما طال واشتدَّ وطْؤه
ما سئمتُ الانتظار، ولم تراودني نفسي
فكيف يمَلُّ الناظرُ – النظرُ - من ذي صفاتٍ وجمال..
ولو ظلَّ ينظرُ وهو يذوبُ احتراقاً؟!