أسباب الانحراف
إن الأمة الإسلامية محصنة بدينها ما دامت ملتزمة بهذا الدين, وقد يطرأ على بعض الأفراد بعض مظاهر الانحراف التي عالجها الإسلام بأسلوب وقائي حتى لا يبلغ الضرر مداه والفساد منتهاه، وحماية للأمة من أثر الانحراف، ولا يوجد مجتمع يخلو من بعض مظاهر الانحراف، ويتفاوت حجم هذه الظاهرة من مجتمع لآخر كَمًا وكيفًا.
وفي عالم النفوس هناك دائرة من الانحرافات الطفيفة التي لا تخلو منها نفس من النفوس, قال -صلى الله عليه وسلم-: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)[1]، وحين يتجاوز الخلل هذا الحد يسمى انحرافًا , ومن المعلوم أن الانحراف يبدأ يسيرًا ثم يزداد تدريجيًا، يتم الانحراف شيئًا فشيئًا حتى تتهاوى جميع الحصون التي كانت تعصم من الزلل.
ويحدث الانحراف نتيجة ضعف النفس البشرية قال تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: 53]، فمن الانحراف ما يكون نتيجة زلة عارضة أو نزوة عابرة، وهذا أمره سهل حين يتبين لصاحبه الصواب فيثوب إلى رشده، ويقلع عن المعصية.
ومن الانحراف ما يشكل جريمة شائنة وخطيئة متعمدة، ومن الانحراف ما يأخذ طبيعة المرض الملازم لغياب الوازع الديني.
وأسباب الانحراف ودواعيه كثيرة منها:
تقصير الدعاة والمصلحين مع الجهل بأمور الدين وأساليب التربية.
انصراف الآباء عن أسرهم وانشغالهم في توفير مادة الكسب مع التقصير في تربية أولادهم وعدم تخصيص وقت لهم يمارس فيه التوجيه.
التفرقة والمفاضلة بين الأولاد، فهي تزرع الحقد والكراهية، وتدفع لحب الانتقام والعدوانية.
تأخير الزواج وما يتعلق به من التقاليد من غلاء المهور والتباهي بالمظاهر والشكليات والاهتمام بالتقاليد البالية والعادات الموروثة.
الفراغ، فالوقت إذا لم يوظَّف توظيفًا سليمًا؛ فإنه ينقلب بآثاره السيئة على صاحبه، ويكون بذلك أكثر استعدادًا للانحراف.
تهاون المسلم بمحقرات الذنوب، ثم يأتي بالمسوغات لتقصيره ومع الإصرار عليها تتحول إلى كبيرة.
المرجع: نفحات من منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
خطب ومواعظ (المجموعة الرابعة)
إعداد: الشيخ عبد الباري الثبيتي –حفظه الله-
(بتصرف)