من هم أولو الأيدي والأبصار؟
يقول الله تعالى في محكم كتابه في سورة "ص"
"وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴿٤٥﴾ "
فمن هم أولو الأيدي والأبصار؟ ولماذا ذكرهم الله بهذه الصفات رغم أن النّاس كلهم لهم أيدي ولهم أبصار؟
قال ابن عباس ، ومجاهد : القوة في طاعة الله . وقيل : إحسانهم في الدين ، وتقدمهم عند الله على عمل صدق ، فهي كالأيدي .
وقيل : النعم التي أسداها الله إليهم من النبوة والمكانة . وقيل ( الأيدي ) : الجوارح المتصرفة في الخير ، ( والأبصار ) الثاقبة فيه .
قال الزمخشري : لما كانت أكثر الأعمال تباشر بالأيدي غلبت ، فقيل في كل عمل : هذا مما عملت أيديهم ، وإن كان عملا لا يتأتى فيه المباشرة بالأيدي ، أو كان العمال جذما لا أيدي لهم ، وعلى ذلك ورد قوله عز وعلا : ( أولي الأيدي والأبصار ) ، يريد : أولي الأعمال والفكر ; كأن الذين لا يعملون أعمال الآخرة ، ولا يجاهدون في الله ; ولا يفكرون أفكار ذوي الديانات ، ولا يستبصرون في حكم الزمنى الذين لا يقدرون على إعمال جوارحهم ، والمسلوبي العقول الذين لا استبصار بهم ; وفيه تعريض بكل من لم يكن من عمال الله ، ولا من المستبصرين في دين الله ، وتوبيخ على تركهم المجاهدة والتأمل مع كونهم متمكنين منها . انتهى ، وهو تكثير .
وقال أبو عبد الله الرازي : اليد آلة لأكثر الأعمال ، والبصر آلة لأقوى الإدراكات ، فحسن التعبير عن العمل باليد ، وعن الإدراك بالبصر . والنفس الناطقة لها قوتان : عاملة وعالمة ، فأولي الأيدي والأبصار إشارة إلى هاتين الحالتين .
المصدر
التفسير الكبير المسمى البحر المحيط
أثير الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي