أيها المؤمنون :
إن الله جل وعلا أفاء على عبده سليمان بن داود بالنعم العظيمة وآلاء الكريمة يوم إن ستجابالله له عندما قال : " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ " .. فسخر له الله جل وعلا الجن والأنس والطير قال الله تعالى في معرض قصصه عن هذا النبي الكريم عليه السلام " وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا " ...
مّر سليمان عليه السلام في المنعة والعزة و الجند الذي أعطاه الله إياه حتى آتى على وادي النمل فسمع نملة تنادي في أصحابها ( ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) .. فأعجبه عليه السلام رفقها بقومها وتأدبها مع سليمان وجنده فرفع يديه يدعو ربه جل وعلا قائلاً بثلاث دعوات(
رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ ( فدعى في الأولى عليه السلام أن يمنّ الله عليه على شكر ما أفاءه الله عليه من النعم وعلى والديه ثم سأل الله جل وعلا في الثانية أن يعينه على العمل الصالح الرشيد في قوله عليه السلام { وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ .. ... ثم ختم تلك الدعوات الثلاث عليه الصلاة والسلام بقوله أن يدخله الله برحمته في عباده الصالحين
مع أنه مقرر شرعاً أن سليمان عليه السلام نبي كريم ولا يخفى أنه يكون نبياً كريماً حتى يكون في المقام الأول عبداً صالحاً .. والمقصود في هذا السياق أن الدخول في عباد الله الصالحين مطلب عظيم ومرتقى صعب طالما طلبه أنبياء الله ورسله والأخيار من العباد المتقون من الخلق يفزعون إلى الله في أدبار الصلاة و أثناء السجود وغير ذلك من مواطن وأماكن وأزمنة الإجابة يفزعون إلى لله أن يجعل منهم في زمرة عباد الله الصالحين ..
فالعبد الصالح غاية عظيمة جليلة ..
لابد لله جل وعلا وعد عليها جنات عدن في الآخرة ووعد عليها عظائم الأمور في الدنيا.. والعبد الصالح.. لفظه شرعيه مباركه جاءت في القرآن و في السنة جاءت في القرآن وقف على أعلام وجاءت في السنة وقف على أعلام وجاءت في القرآن والسنة صفات مطلقة لعباد غير مذكور الأسماء النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالشرع وأحرص العباد على أن ينتفع الخلق يذكر بالله و يدعو إليه ويعرف به ...
مما كان صلى الله عليه وسلم يعلمه أصحابه أنه صلى الله عليه وسلم بهم ذات يوم فسمعهم يقولون في التشهد ( السلام على جبريل و ميكال السلام على فلان وفلان ) فلما فرغ من صلاته ألتفت إليهم وقال لاتقولوا هذا قولوا (التحيات إلى الله والصلاة والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) .. ثم قال صلى الله عليه وسلم فإنكم إن قلتموها أصابت كل عبداً صالح في السماء أو في الأرض ,... فهذا مما قصده صلى الله عليه وسلم أن يعلمه أصحابه أن يكون من الفوز الذي ينشدونه والغايات التي يطلبونها أن يكون من عباد الله الصالحين فإن كان الإنسان عبداً صالحاً فإن قول المصلي في صلاته السلام علينا وعلى عباد الله الصاحين يدخل هذا المؤمن التقي النقي في زمرة من دعي له ذلك المصلي في صلاته ..
هذا ما تيسر إيرادُهُ وتهيأ إعدادهُ واللهُ المُستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله وصلى الله على مُحمدٌ وعلى آلهِ والحمدُ لله رب العالمين .