تفيد الدرسـات التاريخية في أواخر القرن 15 تم الاستنجاد بالولي الصالح سيدي ثامر و سيدي سليمان من طرف قبائل البدارنة الرحل ، و هم من المرابطين الذين يستوطنون ساقية الحمراء ، و كان للبدارنة أراضي تمتد على ضفاف الوادي و هكذا تم تشييد أول مسجد ـ جامع النخلة ـ أنشأت حوله سكنات للولي سيدي ثامر و عائلته و أخرة لأتـباعه و تلاميذه ، و أسسوا قصر بوسعادة و كانت معظم المدن المحيطة به مزدهرة و نظراً للنمو السكاني تم توسيع مجال القصر و حسب تقرير " الكولنال بان "
" جاء فيه وصف قصر " بلغ تعداد سكاني 4500 نسـمة و 600 مسكن و كان جلهم ينشطون في الزراعة و يحيط بالمديـنة500 بستان و تحتوي 10000 نخلة و كان محاطا بسور لحمـايته .
قصـر بوسـعادة ( المدينةالقديمة ) :
يبدو أن أهم عنصر لتشكيل القصر هو الماء الذي يعطيه وادي بوسعادة عن طريق نظام السواقي و كذلك العيون الموجودة في محطيه وإضافة إلى وفرة البساتين ، و تشكيله بدأ من المركز جامع النخلة و تتحلق حوله البنايات بمحاذاة المجاري المائية و كذلك الحدود الناتجة عن التجزئ العقاري و يلاحظ عدم خضوع محلاتها ( الجزيرات السكنية )لأي نظام هندسي منتظم بل تتحكم في شكلها نظم توزيع الأراضي ، ثم تأتي الكنات متراصة علة طول الدروب و الشوارع ، ففي البداية أنشأ حيي : العشـاشة و أولاد عتيق ثم ظهرت أحياء أخرى أولاد حركات ، المامين ،الزقم ، حي أولاد حميدة ، حارة الشرفة .
2/ مرحلة الإحتلال الفـرنسي :
كان قصر بوسعادة مقسم إلى أولاد عتيق و المامين و لكن بعد وصول الفرنسيين وضعت اللبنة الأولى في القلعة العسكرية (Fort)برج الساعة كما تدعى اليوم ، حتى تتم السيطرة على الواحة . و بعد مدة كرس الفرنسيون استيطانهم بأحياء محاذاة القصر إلى الجهة الغربية و فقاً لمخطط شطرنجي يتميز بشوارع متقاطعة و محلات سكنية موحدة حجماً و شكلاً .
هنا تعرف المدينة تقاطبا فعليا بين نمطين من التخطيط و شكلين من الأشكال العمرانية يظهر الأول في جزء المدينة الفرنسي و ما يحمله من تقنيات حديثة و معطيات عمرانية ، و نمط قديم يتمثل في قصر بوسعادة بأشكاله الملتوية و مواد بناءه المحلية و التقنيات الضعيفة التي ترمز إلى مجتمع تكيف بالوسائل البسيطة مع المعطيات المناخية و الطبيعية .
و تفيدالمصادر المتوفرة لدينا أن نمو المدينة في هذه المرحلة مر بمرحلتين :
التوسع الأول 1830ـ 1948 :
بعد عشر سنوات من وصولهم أقام الفرنسيون الدائرة العسكرية (FORT) كما تم تهيئة ساحة تعرف بـ Place Colonel Bien حتى تكون فاصلا بين القصر و الدائرة العسكرية ، و تتوقع هذه الساحة بمحاذاة شارع اليهود ، و بناء الحي الفرنسي Plateau جنوب القصر بنمط شطرنجي و شوارع متقاطعة ونظرا أهمية المدينة السياحية تم إنشاء العديد من الفنادق على طول شارع Rue Goborient و بناء العديد من المرافق الإدارية و التجارية و سط المدينة و للإشارة في هذه المرحلة بدأت المحاور الرئيسية لمدينة تظهر محور بوسعادة ـ الجزائر ـ الجلفة ، بوسعادة بسكرة .
التوسع الثـاني 1948 ـ 1962 :
تعرف المدينة توسع آخر بظهور حي أسطيح الأوربي في الناحية الغربية بنفس مميزات النمط الأوربي كما نسجل ظهور قطب آخر شرق القصر بمحاذاة الوادي من الجهة الشرقية ( الدشرة القبلية ) و كذا ظهور مأحياء أخرى القيسة و الكوشة و يمكننا اعتبار هذه التوسعات أساسا لأشكال عمرانية لا تخضع لمنطق ولا لنظام هندسي سوى اكتساح مساحات من الأراضي رغم أنها تحمل بعض المميزات الخاصة التي نراها مجرد استجابة لحاجة المواطن الماسة للسكن .
مـرحلة الإستقلال ما بعد 1962 :
يمكننا الإشارة إلى جمود كل الحركة العمرانية للمدينة غداة الإستقلال ففي غياب ميكانيزمات للتسيير الحضري للمدينة تمزقت في كل الإتجاهات بظهور الأحياء القانونية و اللاقانونية نتيجة الحركة الذاتية للمواطنين لتعمير مساكن الفرنسيين ، و البناء على عقارات خاصة و أراضي عمومية و يمكننا الإشارة إلى ثلاثة صور من التعمير عرفتها المدينة :
التعمير الغير القانوني :
يبدو أن نمطا عمرانيا يمكن اعتباره أصيلاً يظهر في بعض الأحياء التي أنشأت في غداة الإستقلال أو في وقت الإحتلال ( الدشرة القبلية ، القيسة ....) .
و نتيجة للنزوح الريفي و الهجرة الكثيفة نحو المدينة من المناطق المحطية بها ، أدى إلى ضغط فاق القدرات لم تستطع المدينة تأمين متطلبات القادمين فأقاموا وحدات سكنية بدون ترخيص و بدون عقد ملكية فقد تمت عملة الإنجاز بوتيرة سريعة و في مدى قصيرة وفق مسار لا قانوني :
ـ ثنائية المواد( الإسمنت ، الخرسانة المسلحة) .
ـ وثنائية الإنتشار ( الأراضي الهامشية و السفوح ).
ـ ثنائية المساهمة ( اليد العاملة العائلية و طريقة التويزة ) .
ـ ثنائية التعدي على الأملاكالعمومية ( أملاك الدولة و أملاك البلدية ).
فظهرت ثلاثة أحياء : حي ميطر ، حي سيدي سليمان ، حي المجاهدين . بمساحة 137.44 هكتار سنة 1991 و ما بين 1992 / 1996 نشأ حي جديد الرصفة بـ 30 هكتار و اتسعت الأحياء السابقة .
هذا النمط يمتاز بكثافة سكانية عالية و غياب الشكل العمراني و اختناق النسيج ، كل هذا يتم دون معايير تخطيطية و لا مواصفات عامة مما يجعل الوحدات الكنية تنمو وتتطور بشكل يصعب معالجته .
التجـزئة : تأخذ نفس الطابع و تتوسع بنفس الخصائص على مستوى المدينة و تزيد في طبع البيئة العمرانية بشكل يخالف الطابع المعماري المحلي سيما في غلافها الذي يحمل السمات الأوروبية و قد وزعت ما بين 1994 و 1975 حوالي 7068 قطعة أرض صالحة للبناء بمساحة 350.22 هكتار أي بمعدل 500 م يوميا و هي تعادل المساحة الموجودة قبل 1974 أي بناء مدينة ثانية داخل المدينة في ظرف أقل من 20 سنة .
المنطقة السكنية الحضرية الجديدة (ZHUN) :بداية نشير لوجود نمط السكنات الجماعية في الجهة الجنوبية الشرقية للمدينة منها ( حي 300 مسكن ، حي 110 مسكن ، حي 96 مسكن ...)
و في سنة 1993 استفادة مدينة بوسعادة من منطقة سكنية حضرية جديدة تقع على بعد حوالي 5 كلم شمال المدينة على محور بوسعادة ـ المسيلة ، لتشكل قطبا آخر للمدينة و بعد التوسع أصبحت تشكل مدينة جديدة فبغض النظر عن كيفية الربط بينها و بين المدينة القديمة جاءت هذه المنطقة في شكل وحدات سكنية في عمارات متعددة الطوابق تظهر بعناصر معمارية تماثل الأحياء المتواجدة في أغلب مدن الوطن . و تبدو خذه المنطقة في شكل عمراني لا يمت بصلة إلى الأشكال العمرانية للمدينة حيث تشكل طفرة تضاف إلى تلك التي شكلتها المدينة الفرنسية من قبل فضلا عن الصورة التي تبديها الأحياء غير القانونية و التجزئات .