حكى أنه كان هناك شاب صيني يُدعَى (شانج شو) يقف فوق الهضبة العالية المشرفة على شاطئ المحيط
يستنشق الهواء النقي ويتأمل حقول الأرز الممتدّة تحت قدميه وقد قارب وقت الحصاد بعد أن جفّت العيدان وانحنت تحت حملها الوفير.
وقد امتلأ قلب شانج بالرضا، فها هو الآن يمسح تعب الشهور الطويلة التي قضاها في رعاية حقله
... ويقترب من تحقيق حلمه الكبير بالزواج ودفع الديون التي عليه وشراء كل
ما تحتاجه أسرته الصغيرة من متاع بعد أن يبيع محصوله الوفير.
غير أن شيئاً مباغتاً أفزع شانج وأخرجه من أحلامه ..
فقد أحس بهزة أرضية ضعيفة، ولمَّا نظر إلى شاطئ المحيط البعيد رأى الماء يتراجع إلى الوراء.
فعرف أن الكارثة على الأبواب ..
فالماء حين يتراجع إلى قلب المحيط يشبه الوحش الذي يتراجع إلى الخلف ليستجمع قواه كي ينقض على ضحيته بضراوة وعنف.
ولكن لماذا يخاف شانج وهو فوق هضبته العالية ؟!!
لعل خوف شانج من إدراكه لحجم الكارثة التي ستتعرض لها القرية الصغيرة
الراقدة في سفح الجبل والتي يسكنها فلاحون فقراء لا يملكون من الحياة سوى
أكواخهم المتواضعة.
ولأن الوقت لم يكن كافياً للنزول إلى السفح وتحذير الناس، صاح من فوق الهضبة حتى كادت جنجرته تنفجر ولم يسمعه أحد.
وبعد ثواني من الحيرة والقلق إتخذ شانج قراراً حاسماً ..
أشعل النار في حقله الصغير !!
أشعله ليثير انتباه الفلاحين في الوادي الآمن عند السفح.
ونجحت حيلة الشاب الصيني، فقد تدافع الجميع صاعدين إلى أعلى الهضبة لإنقاذ الحقول المحترقة.
بينما هبط هو ليلاقيهم في منتصف الطريق، ليعيد بعضهم لالتقاط من تبقى من أطفال ونساء والمقتنيات الضرورية.
وبالفعل نجا جميع من بالقرية وكثير من الممتلكات
ولكن .. ماذا عن (شانج شو) ؟
لم يسد ديونه الكثيرة
ولم يتزوج في تلك السنة
ولم يبتاع حاجاته الضرورية
ولم يشتر فستاناً لأخته الصغيرة
ولم يأخذ أمّه العجوز إلى المدينة للعلاج
لكنه كان أسعد حالاً فقد أنقذ حياة قرية كاملة!!!!