طرح الإشكالية :
إن تطور المجتمعات البشرية أدى إلى ظهور الدولةككيان سياسي له سيادة و سلطة سياسيا و اقتصاديا فتعددت و تنوعت الدول تبعالمقتضياتها الثقافية و الإقليمية و مع سقوط الاقتصاد الموجه (الاشتراكي)و سيطرتالليبرالية سياسيا و اقتصاديا ظهر مفهوم العولمة و كان من الطبيعي إن تظهر ردودأفعال متباينة بين رجال الفكر و السياسة من رافض للعولمة و مؤيد لها فأي الموقفيننؤيد و أيهما نرفض و هل يمكن التوفيق بينهم؟.
محاولة حل الإشكالية:
عرضالأطروحة :إن العولمة في نظر أنصارها تقوم على الحرية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و السلوكية دون مراعاة الحدود السياسية للدولة و دون حاجةإلى إجراءات حكومية ومن إيجابياتها في نظرهم:
على المستوى الاقتصادي تؤدي إلىتشجيع المبادلات الاقتصادية التي تجري على نطاق عالمي بعيد عن سيطرة الدولة القوميةو هدا يؤدي إلى تنشيط الاستثمارات في الدول النامية و تنشيط الصناعات و فتح مجالاتالعمل أمام العمالة المتخصصة مما يحفز العمال على الرفع من مستوى أدائهم كما تؤديإلى تعميق الروابط التجارية بين الدول من خلال فتح أسواق العالمية و بالتالي التمكنمن استهلاك الواسع للسلع كما تؤدي إلى تحفيز الدول النامية على إصلاحات هيكلية فيأنظمتها المختلفة لرفع قدرتها على المنافسة كما تخلق سوقا عالمية واحدة تساهم فيتوسيع التجارة و نمو الناتج العالمي بوتيرة أوسع و أسرع و بالتالي تنتج فوائض ماليةتستغل لفائدة الإنسانية.
-في المجال الثقافي إن التدفق الحر للأفكار و المعلوماتو القيم يقدم لكل فرض في العالم فرص استثنائية للتقدم و التطور حيث يتجاوز الفرضالدائرة الضيقة للإعلام الوطني(الانترنت الفضائيات"
الربط بين الحضارات فتصبحثقافات الشعوب في متناول الجميع كما أن الثورة المعلوماتية الحديثة تسهل حركةالأفراد و المعلومات و الخدمات مما يؤدي إلى اتساع مساحة الحرية و تقاربالحضارات
ومن هنا فلعولمة تفتح أمام الإنسان مجال الحرية الديمقراطية و المساواةو اندماج في النظام العالمي متطور بما تتيحه من تحرر للإنسانية و تفاعل بين مختلفالطاقات المكونة لها.
نقد:الواقع يثبت أن العولمة أدت إلى تراجع في المستوىالمعيشي لكثير من الشعوب و ظهور البطالة بتسريح العمال و كثرة الصراعات والحروب.
نقيض الأطروحة :
يرى المناهضون للعولمة أن الاقتصاد المعولم يقع خارجنطاق تحكم الدولة القومية مما يزيد من إمكانات الصراع و التنافس ويزيد من دورالشركات المتعددة الجنسيات فتصبح فوق سيطرة الدولة .
تؤدي العولمة إلى انقسامالعالم إلى دول فاحشة الثراء و الغنى و دول فقيرة عاجزة على المنافسة مما يدفعالدول الفقيرة إلى تخفيض الأجور فتضعف القدرة الشرائية للمواطن كما تضطر إلى تخفيضالضرائب عن الدخل بهدف تعزيز مكانتها التنافسية مما يؤدي إلى تقليص المزاياالاجتماعية للعمال كما تؤدي العولمة إلى تخفيض الإنفاق العام و تسريح موظفي الدولةفتنتشر البطالة و الفقر حيث بينت بعض الإحصاءات إن ثلث سكان العالم تحت خط الفقر وأحصى اليونيسيف 12 مليون طفل يموتون من أمراض يمكن علاجها و 75 مليون متشرد نتيجةإثارة النزاعات الطائفية و العرقية التي يثيرها دعاة العولمة لإيجاد ذرائع أفكارهمحول الديمقراطية و العولمة تحت المظلة الشرعية الدولية.
-كما أن الدول التيانساقت من (إفريقيا و أمريكا اللاتينية ) لمفهوم العولمة تضررت بينما استفادالأقوياء فهي استعمال ثقافي و سياسي جديد و يرى البعض إن العولمة خطة أمريكية هدفهاتحويل العالم إلى إمبراطورية كبيرة تديرها أمريكا هدفها القضاء على المقوماتالحضارية خاصة الإسلامية من خلال البنوك العالمية ووسائل الإعلام فالعولمة إذا ليستهيمنة اقتصادية فحسب بل تمتد إلى الجانب الثقافي للأمة فنشئ الصراع بين التقاليد والمستورد مما يفتح المجال للهيمنة الثقافة الغربية كما إنها تؤدي إلى تدمير أخلاقيفهي ليبرالية إباحية و أدت إلى إن الكثير من الدول و الشعوب فقدت السيطرة على إدارةشؤونها و تحديد مستقبلها.
نقد:أدت العولمة إلى تنشيط الاستثمارات في كثير منالدول فتطورت اقتصاديا و خرجت عن عزلتها كما أن العولمة المعلوماتية تؤدي إلىالتقارب الفكري و الثقافي .
التركيب:
مادامت العولمة أمرا واقعا يفرض نفسهيجب التعامل معه لذا يذهب الكثير إلى الاعتقاد أن مواجهة سلبيات العولمة يقتضيالاندماج فيها و ذلك بما يلي :
-أن تحدث الدولة إصلاحات إدارية و سياسية كفيلةبحفظ سيادتها.
-رفع مستوى التأهيل لدى العمال خاصة اليد العاملةالمتخصصة.
-خلق قاعدة علمية و جعل المنظومة التعليمية تواكب التطوراتالتكنولوجية و المعرفية مما يجعل الفرد قادرا على إبداع و إنتاج
-تنسيق سيادةالقانون فيشعر المواطن بالأمان في وطنه
-تعزيز التكامل الإقليمي بين الدول ودعم الخدمات الحيوية كتعليم و الصحة بزيادة الضريبة على الدخل على أصحابالأعمال.
الخروج من الإشكالية:
الاندماج في العولمة بكيفية سلمية يقتضي تخطيطامحكما يسمح بالاستفادة من إيجابياتها و تفادي سلبياتها و على الأمم أن تغلب القيم والمفاهيم التي تنمي الروح الوطنية و تحترم التعددية الثقافية بامتلاكها و عياوسلوكا جديدين.