لبسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قصة أصحاب السبت
ورت ود ذكر ت في سورة البقرة. كما ورد ذكرها بتفصيل أكثر في سورة الأعرف الآيات 163-166.
قال الله تعالى، في سورة "الأعراف":
"وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْيَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْشُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْبِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَقَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًاقَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّانَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِوَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوايَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْكُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ .
وقال تعالى في سورة "البقرة": وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْامِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَفَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَاوَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ" .
وقال تعالى في سورة "النساء":
" أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا"
القصة
أبطال هذه الحادثة، جماعة من اليهود، كانوا يسكنون في قرية ساحلية. اختلفالمفسّرون في اسمها، ودار حولها جدل كثير. أما القرآن الكريم، فلا يذكرالاسم ويكتفي بعرض القصة لأخذ العبرة منها.
وكان اليهود لا يعملون يوم السبت، وإنما يتفرغون فيه لعبادة الله. فقد فرض الله عليهم عدم الانشغال بأمور الدنيا يوم السبت بعد أن طلبوا منه سبحانه أن يخصص لهم يوما للراحة والعبادة، لا عمل فيه سوى التقرب لله بأنواع العبادة المختلفة.
وجرت سنّة الله في خلقه. وحان موعد الاختبار والابتلاء. اختبار لمدى صبرهمواتباعهم لشرع الله. وابتلاء يخرجون بعده أقوى عزما، وأشد إرادة. تتربىنفوسهم فيه على ترك الجشع والطمع، والصمود أمام المغريات.
لقد ابتلاهم الله عز وجل، بأن جعل الحيتان تأتي يوم السبت للساحل، وتتراءى لأهل القرية، بحيث يسهل صيدها. ثم تبتعد بقية أيامالأسبوع. فانهارت عزائم فرقة من القوم، واحتالوا الحيل –على شيمة اليهود- وبدوا بالصيد يوم السبت. لم يصطادوا السمك مباشرة، وإنما أقاموا الحواجز والحفر، فإذا قدمت الحيتان حاوطوها يوم السبت، ثم اصطادوها يوم الأحد. كان هذا الاحتيال بمثابة صيد، وهو محرّم عليهم.
فانقسم أهل القرية لثلاث فرق. فرقة عاصية، تصطاد بالحيلة. وفرقة لا تعصيالله، وتقف موقفا إيجابيا مما يحدث، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المكر، وتحذّرالمخالفين من غضب الله. وفرقة ثالثة، سلبية، لا تعصي الله لكنها لا تنهىعن المكر.
وكانت الفرقة الثالثة، تتجادل مع الفرقة الناهية عن المنكر وتقول لهم: مافائدة نصحكم لهؤلاء العصاة؟ إنهم لن يتوفقوا عن احتيالهم، وسيصبهم من اللهعذاب أليم بسبب أفعالهم. فلا جدة من تحذيرهم بعدما كتب الله عليهم الهلاكلانتهاكهم حرماته.
وبصرامة المؤمن الذي يعرف واجباته، كان الناهون عن المكر يجيبون: إننا نقومبواجبنا في الأمر بالمعروف وإنكار المنكر، لنرضي الله سبحانه، ولا تكونعلينا حجة يوم القيامة. وربما تفيد هذه الكلمات، فيعودون إلى رشدهم،ويتركون عصيانهم.
بعدما استكبر العصاة المحتالوا، ولم تجد كلمات المؤمنين نفعا معهم، جاء أمرالله، وحل بالعصاة العذاب. لقد عذّب الله العصاة وأنجى الآمرين بالمعروفوالناهين عن المنكر. أما الفرقة الثالثة، التي لم تعص الله لكنها لم تنه عنالمكر، فقد سكت النصّ القرآني عنها. يقول سيّد قطب رحمه الله: "ربماتهوينا لشأنها -وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب- إذ أنها قعدت عن الإنكارالإيجابي, ووقفت عند حدود الإنكار السلبي. فاستحقت الإهمال وإن لم تستحقالعذاب" (في ظلال القرآن).
لقد كان العذاب شديدا. لقد مسخهم الله، وحوّلهم لقردة عقابا لهم لإمعانهم في المعصية.
وتحكي بعض الروايات أن الناهون أصبحوا ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج منالمعتدين أحد. فتعجبوا وذهبوا لينظرون ما الأمر. فوجودا المعتدين وقدأصبحوا قردة. فعرفت القردة أنسابها من الإنس, ولم تعرف الإنس أنسابهم منالقردة; فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي; فيقول: ألمننهكم! فتقول برأسها نعم.
الروايات في هذا الشأن كثيرة، ولم تصح الكثير من الأحاديث عن رسول الله صلىالله عليه وسلم في شأنها. لذا نتوقف هنا دون الخوض في مصير القردة، وكيفعاشوا حياتهم بعد خسفهم.
تقبل الله من و منكم الصيام و القيام و صالح الأعمال