صار
الأمس واليوم والغد سيان عندي
لا فرق بين ساعة وأختها ولا حتى بين ليل
ونهار.
كل شيئ
له نفس طعم المرارة والغصة، لا فرق بين حلو و مر أوعذب
ومالح.
كل
الألوان متشابهة، كل الأشخاص متماثلون، ما حولي كوابيس مظلمة لا معنى لها، أشباح
خاوية مظلمة متهالكة، أصوات مُبهمة لا صلة لها بلُغتي
وإدراكي.
لِمَ أنا وحيدة في هذه الدنيا؟
لم تسلل أحبابي الواحد تلو الآخر
إلى قبورهم وأغلبهم في أوج عنفوان الشباب؟
لِمَ لَمْ يأخذوني معهم قبل هذا
ليريحوني من كل هذه الأعباء التي تُرهق كاهلي؟
لم
تغيرت عليّ أقرب صديقاتي من أجل رجُلٍ غيّر فيها حتى مذهبها
وتفكيرها؟
لَم يبق
حولي غير أشباحٍ قد سلبتها الهموم عواطفها، فصارت تتخبط في لُجة الحياة بحثا عن
مخرج يسمح لها بالهرب من آلامها بأية وسيلة، حتى وإن كانت
مُدمّرة.
لا أذن
صاغية، لاقلب يهتم، ولا يد ترحم..
وحوشٌ
تترصدني تشتري الألم لأجلي ولو بدمائها وشرفها، وحتى بسخط الله تشتري لي الألم
وتَنْشُد عذابي.
ويلٌ
لمن خان الأمانة، ويلٌ لمن جَحَدَ النعمة، وويل لوجدانٍ يُباع من أجل نفس خسيسة
ورغبة دنيّةٍ رخيصة.
لم
أعلم أني غالية ونفيسة !
ألأجلي
يشترون عذاب جهنم ولا يُبالون؟
أيبيعون
أخراهم ويضحون بها فقط لأجل أن يضروني؟
ألأجل
ألمي وعذابي يفعلون كل الذي يفعلون؟
يالهذا
القدر الذي ساووا بينه وبين آخرتهم بكامل معانيها !
* * *
لكني مع الأسف وحيدة
لقد
أودَعْتُ القلب الذي كان يحمل كَلّي واليد التي كانت تمسح دمعي والصدر الذي كان
يضمّ ألمي تُراب المقابر، هناك تركت قلبي، دفنته في نفس الحفرة مع ذلك القلب الرحيم
والصدر الحنون.
ودفنت
كل عواطفي في حفرةٍ ضمتها مع من كان أمري أهم عنده من أمر
نفسه.
لكنّ
قلبي مع الأسف لم يتوقف عن النبض، مازال ينبض بالألم وبخناجر تشق جوفي إلى أبعد
مدى.
وما
زالت تلك العواطف تنزف من الألم.
لافائدة من الصراخ فما من
سامع..
لا
فائدة من التخبط فما من مَخرج..
لا
فائدة من البكاء فما من دواء..
لكن
مهلا !
هناك
سميع وبصير وعليم..
هناك
مجيبٌ ومغيث ورحيم..
هناك
طبيب يداوي كل الجراح والآلام..
يا
إلهي اغفر لي تقصيري فلولا غفلتي ما كان عذابي بهذا
الوبال.
رباه
ألهمني الصبر على من فقدت وارحمني وإياهم رحمة تغنينا بها عن رحمة من
سواك.
اللهم
أعطني القوة لأتخطى مصاعب الحياة.
وألهم
اللّهم قلبي الشجاعة لأتجرع ما تُحتم عليّ الحياة من كؤوس المرارات بصدر
رحب.
وارزقني
الرضا يارب بكل ما قدّرت وقضيت.