الطبع أو العادة أو الخلق فى علم النفس هى مجموعة مظاهر الشعور والسلوك المكتسبة والموروثة التى تميز فردا من آخر
ونحن نسمع من بعض الناس الكثير من الأمثلة التى تدعوا إلى الاستسلام للعادات والتى قد تكون سلبية فى الكثير من الأحيان مثل المثل : «مَنْ شبّ على شيء شاب عليه»
،أو الطبع يغلب التطبع والذى يعنى صعوبة تغير عادات الإنسان وطباعه ،هذه
الأقوال والأمثال وما شاكلها تريد أن تقول أن : «العادة متحكمة وراسخة» !

وهنا نتساءل: هل العادة صعبة أو مستحيلة التغير؟وهل طباع وعادات الطفولة والشباب ـ السيئ منها والمفيد ـ لا تتغيّر ولا تزول ؟
هل الطباع صعبة على التغيير إلى هذا الحدّ ؟

الأمثال
والأقوال السابقة تجيب بـ (نعم) فهي لا ترى الطبع أو العادة إلاّ قدراً
مقدوراً ولا يغيّر الأقدار إلاّ مقدّرها ، أي أنّ التغيير ـ حسب وجهة نظر
هؤلاء ـ عملية خارجية ليست بيد الإنسان .

لكنّنا
نقول : إنّ عملية التبديل والتغيير ممكنة رغم ما يعتريها من صعوبات .وإذا
أردت أن تغيّر شيئاً فيجب أن تنظر إليه نظرة مغايرة ، لأنّ النظرة
التقليدية تجعلك تقتنع بما أنت فيه فلا ترى حاجة للتغيير .. ذلك أنّ أيّة
عملية تغيير أو تبديل في أيّ طبع أو عادة تحتاج إلى شعور داخلي أن هذا
الطبع أو العادة ليسا صالحين ولا بدّ من تغييرهما .



دعنا ـ في البداية ـ نطرح عليك بعض الأسئلة :

ـ هل جرّبت أن تعدّل سلوكاً معيناً إثر تعرّضك إلى نقد شديد ؟

ـ
هل قرأت مقالة ، أو حديثاً ، أو حكمة ، أو قصّة ذات عبرة ودلالة ،
فتأمّلتها جيِّداً ، وإذا بها تحدث في نفسك أثرا ، لتعيد النظر على ضوئها
في أفكارك أو تصرّفاتك ؟

ـ
هل حدث أن مشيت في طريق لمسافة طويلة ، ثمّ اكتشفت أنّ هذا الطريق ليس
الطريق الذى تريده ، ولا هو الذى يوصلك إلى هدفك ، ورغم معاناتك في السير
الطويل وتعبك الشديد ، تقرّر أن تسلك طريقاً أخر يوصلك إلى ما تريد ؟

ـ
هل سبق أن كوّنت قناعة أو فكرة معيّنة حول شيء ما ، وقد بدت لبعض الوقت
ثابتة لا تتغيّر لكن وقع ما جعلك تراجع قناعتك .. كفشل في تجربة ، أو
تعرّضك لصدمة فكرية ، أو تشكّلت لديك قناعة جديدة إمّا بسبب الدراسة والبحث
، أو من خلال اللقاء بأناس أثّروا في حياتك ، فلم تُكابر ولم تتعصب تعصب
الجاهلين ، لأنّك رأيت الفكرة المغايرة الأخرى أسلم وأفضل ؟

ـ
هل سكنتَ في منطقة ، أو بقعة من الأرض ، لفترة طويلة فألفتها وأحببتها
وتعلّقت بها لأنّها كانت حقلاً لذكرياتك، ثمّ حصل ما جعلك تهاجر منها أو
تستبدل بها غيرها لظروف خارجية ، وإذا بك تألف المكان الجديد ، وقد تجد فيه
طيب الإقامة وحسن الجوار ؟



إذا تغيير القناعات أمر طبيعيّ ، ويدلّل في الكثير من الحالات على درجة من النضج والوعي والمرونة .

إنّ
العادة قد تكون مادّية كالشراهة في الأكل ، وقد تكون معنوية كالكذب .
وبالرغم أنّ الاعتياد والإدمان يجعل التخلّي والتخلّص من هذه العادات صعباً
عليك ، لكن بإمكانك أن تسأل الكثير من الشرهين والشرهات الذين كسروا هذه
العادة ، واعتدلوا في طعامهم ، ولك أن تسأل عن كيفية نجاحهم .

لا شكّ أن تمارين تنظيم الطعام (الرجيم) التي التزمها البعض أتت بنتائج باهرة ، إذ مَنْ كان يتصوّر أنّ الذي فاق وزنه المائة كيلوجرام يغدو رشيقاً إلى هذا الحدّ ؟

[size=29]ـ كيف نجحوا ؟





ـ بالإرادة !

وحتى خصلة الكذب ، أو أيّة خصلة سيِّئة أخرى ، حينما
عقد المبتلون بها العزم على معالجتها والقضاء عليها ، وصدقوا في عزمهم
وقرارهم ، استهجنوا تلك الخصال الذميمة ، وعملوا على استبدالها ، وعادوا
انقياء منها .



أمّا مقولة
«مَنْ شبّ على شيء شاب عليه» فقد أسيء فهمها ، وتركزت النظرةُ إليها في
الجانب السلبيّ ، أي مَنْ اعتاد على خصلة ذميمة في شبابه فإنّها ستلازمه
حتى كبره ، وتفسير المقولة تشير إلى أن إهمال العادات والطباع وتركها
لتستفحل بدون علاج ، حتى لتصبح بعد حين جزءاً لا يتجزّأ من الجسد ، أي أنّ
المقولة ليست قاعدة ثابتة أو قانوناً صارماً ، وإنّما هي توصيف لحالة
استعباد العادة للشباب
[/size]