لماذا تأخر سن الزواج؟ Main_art_7506337


من الممكن تقسيم الشباب قبل الزواج إلى شرائح:
1- شباب غير قادر على الزواج، ولا تلوح في الأفق قدرته عليه بسبب الضعف الشديد في الإمكانيات المادية وعدم وجود شقة للزوجية والبطالة. (ونسبة هؤلاء من مجموع الشباب: 70%ذكور – 20 إناث)
2- شباب قادر على الزواج، لكنه يؤجل لفترات طويلة اتخاذ هذا القرار بهدف الاستمتاع بالحياة. (ونسبة هؤلاء 20% ذكور-2/1% بنات).
3- شباب قادر على الزواج لكنه يؤجل من أجل بناء المستقبل العلمي والمادي. (ونسبة هؤلاء: 10%ذكور – 5% بنات)
4- شباب قادر ويتمنى الزواج السريع، لكنه لم يوفق لمدد طويلة في إيجاد الزوجة المناسبة أو الزوج المناسب ( ونسبة هؤلاء: 40% ذكور – 70% بنات).
5- مبالغة الأهل في متطلبات الزواج من شبكة ومهور وخلافه. (ونسبة هؤلاء : (10%ذكور- 50% بنات).

الإحباط واللامبالاة
وهذه النسب لا يشترط أن يكون مجموعها 100% لأنه قد يشترك أكثر من عامل في تأخير سن الزواج بالنسبة لنفس الشخص.. وهذا التقسيم والتحليل هو تحليل شخصي من واقع علاقتي بالشباب واتصالي بهم.. ومن واقع الإحصائيات، يتبين لنا أن متوسط سن الزواج سيكون في ارتفاع مستمر. وكلنا يعلم أنه من 20 سنة، كان متوسط سن زواج البنات هو 23 سنة، أما الآن فقد اقترب من 29 أو 30 سنة. وهذا المتوسط بين الرجال أكبر.

هذا الأمر صار يمثل ضغطاً ً نفسياً شديداً على أمهات وآباء البنات، وصار يمثل عاملاً من عوامل الإحباط بالنسبة لكثير من الشباب.
وبالتالي نخشى أن يكون ذلك سبباً في مزيد من المشاكل بالمجتمعات العربية في السنوات القادمة.
حذار من " الصحوبية "

ما النتائج التي تمخض عنها تأخر سن الزواج؟
نتج عن ذلك انتشار ما يسمى بـ "الصحوبية" والزواج العرفي، وانتشار الزنا، والمشاكل النفسية عند الجنسين ، وفى مقدمتها: الإحباط والإهمال واللامبالاة.

وأود أن أقول هنا كلمة للشباب لكل ولد وبنت يتجهان للصحوبية، ولا اقصد بالصحوبية العلاقات الطبيعية في أروقة الجامعات ومكاتب العمل، إنما أقصد بها علاقات عاطفية ليست بهدف الزواج: أنا لن أتكلم في قضية الحلال والحرام، ولكن أقول للشباب وخاصة البنات، انظروا إلى هذه الإحصائيات التي سأذكرها لكم، لكي تفهموا الكثير:
أسباب "الصحوبية " عند الشباب:
السبب.........النسبة لدى الذكور......النسبة في الإناث
لمجرد الحب ............. 40% .............. 50%
للتسلية والفراغ.......... 30% ............ 20%
لإشباع الغرائز............. 65% ............. 5%
للزواج ....................... 20% ............... 75%
هذا الجدول نشر على الانترنت من خلال استقصاء تم مع الشباب والبنات
1% فقط .. زواج!

ما النتائج المترتبة على "الصحوبية "؟
أربعة أسباب:
النتائج..........النسبة لدى الذكور........النسبة في الإناث
الزواج...................... 4% ................... 4%
مأساة عاطفية...... 25% ................ 90%
مأساة أخلاقية....... 5% .................. 30%
لا شيء................. 50% .................صفر%

على الشباب أن يتجنب " الصحوبية ".. لأن 65% من أسبابها لإشباع الغرائز .. و 4% للزواج
وأهمس مرة أخرى في أذن البنت : أنظري .. هذه إحصائيات لبنات مثلك . والنسب تؤكد أن نسبة الصحوبية التي تنتهى بالزواج لا تتعدى 4% واسألي زميلاتك في الجامعة.

ولقد قمت في كثير من محاضراتي مع طلبة الجامعة، بتوجيه هذا السؤال إليهم، وفوجئت بأنهم يقولون إن النسبة لا تزيد على 1%.
أنا لا أقول إن الحب حرام أبداً، فالحب جزء من مكونات النفس الإنسانية، ولكن أقول: اصبري وانشغلي بأشياء مفيدة للمجتمع ولنفسك ، حتى يأذن الله بالزواج فالصبر نصف الإيمان.

أزمة فارس الأحلام
هناك بنات يعشن في انتظار فارس الأحلام، ويرفضن العرسان لأن العريس المتقدم لا تنطبق عليه أوصاف فارس الأحلام المحفورة في الخيال، وهكذا تضيع منهن الفرص الثمينة للزواج.

ما قولك في ذلك؟
أرى أن مشكلة فارس الأحلام ترجع أساساً لعدم وجود هدف واضح في الحياة لدى الشباب والفتاة: ماذا أريد؟ ولماذا؟ فالذي ليس له هدف واضح في الحياة تستولي على حياته الأحلام والخيالات، فيعيش في بحر من التمني. وبحر التمني ليس له شاطئ. بمعنى أنها لن تجد فارس الأحلام أبداً. وعليها أن تحدد بدقة هدفها وتسعى إليه.

وأن تبحث عن الشريك الذي يعينها على تحقيق هذا الهدف. عندها سيكون بإمكانها الموازنة بين الرومانسية والعقلانية.
نحن لا نريدك أن تتزوجي بالورقة والقلم الحسابات الرقمية الدقيقة فالرومانسية غاية من غايات المرأة، لكن لا بد من الموازنة بينها وبين العقلانية .
أقول ببساطة : إن وجود هدف في الحياة والانشغال بالعمل الخيري، ووجود الوازع الديني، أفضل الوسائل إلى تعين على الصبر حتى يتم الزواج.

ترويض الغريزة
كيف نعد الشباب فكرياً ودينياً لترويض غريزته حتى يتسنى له الزواج؟
لا بد من أن تتضافر الجهود في مساعدة الشباب على بلوغ الاستقرار النفسي والوازع الديني بلا شك من العوامل المؤثرة بقوة في إعطاء الشباب نوعاً من الاستقرار حتى يتم الزواج بمعنى أنه لو تم الاهتمام بالشباب دينياً وإيمانياً، وتوجيهه نحو الاستقامة ومحبة الله، فإن ذلك سيقلل الكثير من الأضرار الضخمة، الناتجة عن تأخر سن الزواج وبذلك سيكون الدين ليس مجرد علاقة بين الشخص وربه، ولكن نقطة مركزية وجوهرية لاستقرار المجتمع نفسياً.

توجيه طاقات الشباب
ما دور المؤسسات المختلفة في المجتمع لحماية الشباب والاتقاء بسلوكياته قبل الزواج؟
أولاً: المؤسسة الإعلامية
كلنا يتفق أن الفن أحد الوسائل للاتقاء بالنفس الإنسانية، ولذلك فإن المطلوب من المؤسسة الإعلامية أن تعد من البرامج ما يسمو بهذا الشباب، ويوجه طاقاتهم لتنمية وبناء الأمة، دون التركيز على إثارة النوازع الغريزية بالشكل الذي يثير في الشباب المزيد من التهاب هذه الغرائز.
وينبغي على كل من يعمل في مجال الإعلام أن يضع بين عينيه وفى فكره أن شباب الأمة أمانة بين يديه. وأنه يمكنه استغلال طاقاتهم في البناء أو إهدار طاقتهم في مزيد من التركيز على النواحي الغريزية.
درس سيدنا يوسف

ثانيا: رجال الأعمال
مطلوب منهم المزيد من التركيز على المشروعات التي تستوعب طاقات الشباب، بمعنى أن اختيارهم للمشروعات يضع في اعتباره استيعاب وتعليم وتشغيل أكبر عدد من الشباب ولا يكون الهدف تحقيق الربح بأعلى معدلاته. فالربح مطلوب بلا شك، ولكن من رجال الأعمال يضع نصب عينيه الاستفادة من طاقات الشباب؟ سأضرب مثلاً لرجال الأعمال بما فعله سيدنا يوسف: عندما حدثت السنوات العجاف في مصر، وتوقف المطر، وأجدبت الأرض الزراعية التي كانت تستوعب أعداداً كبيرة من المزارعين، ماذا فعل سيدنا يوسف بعد أن انتشرت البطالة؟
وجد أن لديه مخزوناً كبيراً من المواد الغذائية التي تم تخزينها في السنوات السبع السابقة فكان يستطيع أن يكتفي بتوزيع الفائض من المواد الغذائية على الناس، لكنه اشترط على كل من يأتي ليحصل على المواد الغذائية أن يحصر معه أي بضاعة من بلده-أياً كانت، كما جاء في قول الله تبارك وتعالى: ( وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل )، فكان الكيل يتم مقابل ما يأتون به من بضاعة.
هل تعرف لماذا فعل يوسف ذلك؟
كان الهدف تشغيل أكبر عدد من الناس في إعادة تصنيع ماجاءوا به من بضاعة، وعرضها للبيع بشكل جيد وجديد، فقضى على البطالة، وفى الوقت نفسه فتح أسواقاً جديدة للعمل والإنتاج.
هذا هو المطلوب من رجال الأعمال اليوم، أن يفكروا بمثل هذا الأسلوب المبتكر الخلاق. الحوار مع الأبناء

ثالثاً: الأسرة
مطلوب من الأسرة توجيه الشباب نحو تنمية مهاراتهم. فلا يكفى فقط أن يكون خريج كلية كذا، فهناك الآلاف مثله.
ولكن الذي سيتميز هو صاحب المهارات المختلفة بخلاف تخصصه من لغات وكمبيوتر وإنترنت لإجادة مهارة من مهارات الحياة من رسم وموسيقى وباقي ألوان الفنون. مطلوب من الأسرة أن تفتح حواراً مستمراً مع أبنائها لا خجل فيه ولا تردد. آن الأوان للآباء والأمهات أن يجلسوا مع أبنائهم، ويستمعوا إليهم. ويكتسب ثقتهم بتشجيعهم على البوح بمشاكلهم وهمومهم وأسرارهم، فتهدأ ثورة الشباب في أحضان الآباء والأمهات.
لا تركزوا على العقوبة

رابعاً: المؤسسة الدينية ورجال الدين
مطلوب منهم رفع الروح المعنوية للشباب بدلاً من التركيز على أنهم آثمون ومخطئون. بلا شك هناك أخطاء يقعون فيها ، أحياناً تصل إلى الكبائر. ولكن أيهما أفضل: أن نركز دائماً على العقوبة أم نشحذ الهمم للتوبة والتبشير بالأمل؟
توجيه الطاقات الغريزية للشباب غير القادر على الزواج نحو العمل الخيري الفعال.. لماذا لا نجد الشباب ينشئون الجمعيات الخيرية لرعاية الأيتام، وجمعيات رعاية أصحاب الأمراض المستعصية؟
لماذا لا توجه طاقات الشباب في شهور الصيف نحو العمل الخيري الذي ينفع المجتمع ويعود عليهم بالثواب العظيم من الله عز وجل. إن عبارة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم مثل: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين. وشبك بين إصبعيه" على باب دار لرعاية الأيتام، كفيلة بأن تهدئ غرائز الشباب وتدفعهم نحو العمل الهادف حتى يمن الله عليهم بالزواج. أليس هذا أولى من إثارة الغرائز؟ ويشترك في هذه المسئولية من المؤسسة الدينية، المؤسسات الاجتماعية والإعلام والأسرة.. فالمجتمع كله يسير في اتجاه واحد.