السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



يُكتب للعبد عمله الذي باشره ، ويكمل له ما شرع فيه وعجز

عن تكميله ، ويكتب له ما نشأ عن عمله .


فهذه الأمور الثلاثة وردت في القرآن .



أما الأعمال التي باشرها العبد فأكثر من أن تحصى النصوص

الدالة عليها، كقوله ( بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) المائدة 105، ( لَهَا

مَا كَسَبَتْ) البقرة286 ( لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ) يونس41،

ونحو ذلك .



وأما الأعمال التي شرع العبد فيها ولم يكملها، فقد دل عليها

قولــه تعالى ( وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ

ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ ) النســـاء 100 ،


فهـذا خرج للهجرة وأدركه الأجل قبل تكميل عمله ، فــأخبـــر

تعالــى أنه وقع أجره على الله ، فكل من شرع في عمل مـــن

أعمال الخير ، ثـم عجـــز عن إتمامه بموت أو عجز بدني أو

عجز مالي أو مانع داخلي أو خارجي ، وكـــان من نيته لولا

المانع لأتمه، فقد وقع أجره على الله؛ فإنما الأعمال بالنيات،

وقال تعالى(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)العنكبوت69

فكل من اجتهد في الخير هداه الله الطريق الموصلة إليه ،

سواء أكمل ذلك العمل أو حصل له عائق عنه .



وأما آثار أعمال العبد : فقد قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى

وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا ) يّس 12 ، أيْ : باشروا عمله ( وَآثَارَهُمْ )

التي ترتبت على أعمالهم من خير وشر .


وقـــال فــي المجاهدين ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ

وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّــــــارَ

وَلاَ يَنَالُونَ مِـنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُـم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ

لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) التوبة 120، فكــل هذه الأمور من

آثار عملهم، ثم ذكر أعمالهم التي باشروها بقوله(وَلاَ يُنفِقُونَ

نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِــبَ لَهُـــــمْ

لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) التوبة 121 .



والأعمال التي هي من آثار عمله نوعان :


أحدهـمـــا : أن تقع بغير قصد من الإنسان ، كأن يعمل أعمالاً

صالحة خيرية، فيقتدي به غيره في هذا الخير ، فـإن ذلك من

آثار عمله وكمن يتزوج بغير نية حصول الأولاد الصالحين ،

فيعطيه الله أولاداً صالحين ، فإنه ينتفع بهم وبدعائهم .



والثانـــي : وهو أشرف النوعين : أن يقع ذلك بقصده ، كمن

علم علماً نافعاً فنفس تعليمه ومباشرته له من أجلّ الأعمال،

ثم ما حصل من العلم والخير المترتب على ذلك ، فإنه من

آثار عمله .


وكمـــن يفعل الخير ليقتدي به الناس أو يتزوج لأجل حصول

الذرية الصالحين فيحصل مراده ، فـــإن هذا من آثار عمله ،

وكــــذلك مــن يزرع زرعاً أو يغرس غرساً أو يباشر صناعة

مما ينتفع بها الناس في أمور دينهم ودنياهم، وقد قصد بذلك

حصول النفع ، فمــا ترتب من نفع ديني أو دنيوي على هــذا

العمل، فإنه من آثار عمله، وإن كان يأخذ على عمله الأخير

أجراً وعوضاً ، فإن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة :

صانعه وراميه والممد له .



الكتاب القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن (ص 115)


للشيـــخ : عبد الرحمن السعـدي رحمه الله تعالى