إليكم هذه القصة المنقولة من أحد المنتديات و التي أثرت في الكثير ممن قرأها .......المهم في هذه القصة أنها حقيقية و وقعت أحداثها في أرض الكويت، فأنصتوا إلى مجريات أحداثها بكل تمعن لتأخذوا منها العبرة بعد ذلك
فالشخص الحكيم من يعرف كيف يأخذ العبرة و يتعلم حتى من مصائب الغير.........:
يبدأ صاحب القصة قصته قائلا:

أحمد: شخص طيب و شخصيته قويه لكنه كان يهتم كثيرا بشخصيته وخصوصا بمظهره،فقد كان يعيش حالة مراهقة ;خاصة وأنه الابنالوحيد مما جعله مدللا أكثر من أخواته، وكان كل ما يطلبه يجيبه أبوه بالسمع والطاعة... ذو روح مرحة ويكره تلك التصرفات التي يقوم بها بعض الشباب والتي يعرفها الكل،كان مالا يعجبه ينتقده ولا يهمه شعور الطرف الآخر
محمد: رقيق طيب، لا تذهب البسمة عن شفتيه، وجهه منير وهو متخلق، رزين ثقيل محترم أجمل ما فيه بسمته راقيبكلامه و أسلوبه، يراعي مشاعر غيره،ملتزم والقرآن لا يغيب عن لسانه و الذكر كذلك، تجده بالشارع وهو ذاهب إلى المسجد شفتاه تتحرك و يسبح، كان متواضعا جدا حتى أنه كان يسلم على عمال النظافة في الشارع ويسألهم عن أحوالهم.....كان محمد وأحمد جاران و الفرق بينهما يراه حتى الأعمى.
مرت الأيام وصرت أرى محمد، و أتمنى لو أقتله خاصة أن أبي يحبه ويريدني أن أحبه يقول لي : يال هذا الولد كم هو متخلق، أتمنى من الله أن يوفقه و يحفظه لأهله...لماذا لا تصبح مثله؟؟
كان ردي : ففف هذااا؟!! استغفرالله لا أطيقه
مرتالأيام و كل مرة يبتسم هذا الولد في وجهي، وأنا أبتسم و اطفي ضحكتيبسرعة(أريد أن أشعره بأنني لا أطيقه )وفي يوم من الأيام رأيت هذا الموقف: كنت نازلا بالدرج فرأيته يتكلم بالهاتف،فمشيت ببطء لكي أسمع مع من يتكلم !كان يتكلم مع أحدهم ويقول له:لا عليك خذ سيارتي, طبعا سيارتهجاكور الجديدة رائعة فاستغربت ! ؟؟ وقفت متصلب ركبت سيارتي وأنا أستمع إلى كلامه فقال يا أخي أنت عزيز علي كيف لا تريدني أن أعيرك سيارتي وهنا حس بأنني أستمع إليه فتظاهرت عكس ذلك وشغلت محرك السيارة كنت أتمنى أن أسمع بقية الحديث .....وبعد ذلك رأيته حتى بالجامعة وهو يبتسم لي فقلت بقلبي : فففف يلاحقني بكل مكان .....و كان أصدقائي عندما يرون شخصا ملتزما يعيبونه، وأنا أيضا،كنا نقول كلام يبكي صراحة وكنت أنتظر متى ينزل رأسه ويبكي أو يقهر كان دائما ينظر لنا نظره شفقة و يبتسم بحزن و يطالعني ويبتسم ابتسامة أمل،أنا هنا قلت أكيد مجنونأعيب عليه و يضحك... كان معي بمحاضرة، أنا كنت شاطرا لكن هو أشطر مني،وفي أحد الأيام حصل غش بأوراق العمل الشخصي و كانت أوراقنا مختلطة ،قال الدكتور: أين عملك الذاتي يااحمد
قلت له: دفعته ...فقال لي: لا أنت لم تدفعه فتش عنه جيدا،فتشت جيدا ولم أجد ورقتي، فضاق خلقي ،و كان اليوم آخر يوم للدفع،وكان الأستاذ صارما بشكل فضيع و الذي يتكلم أو يدافع يطرده فقلت لأصدقائي: لقد دفعت ورقتي صدقوني فسكتوا...فانهرت،إلى أن سمعتصوتا رنانا و عذب يقول : دكتور أنا رأيت أحمد وضع ورقته و أتوقع أن خطأ حدث. ..أحد ما أخذورقته فأتمنى من كل الطلبة أن يفتحوا ملفاتهم أنا هنا إنصدمت ووقفت مدة أحدق فيه من يكون هذا الولد؟؟ كان الدكتور يحب محمد ويثق فيه. فبدئ يقول افتحوا ملفاتكم، و هم يبحثون عنها وجدوها عند أحب صديق عندي، صديقي سعد، و كان محمد قد أنزل رأسه ورفع عينه لي بحزن ،هنا عرفت انه كان يدري انه سعد من أخذ الورقة، لكنه لم يرغب بمضايقة سعد أو إحراجه،نظرت إليه و ابتسمت ونظرت إلى من كنت أظنه صديقي فوجدته متوترا،خرجنا من القاعة و كنت أنتظر محمد لأشكره، فرأيت سعد، ذهبت إليه وقلت له:لماذا فعلت ذلك؟؟ سكت ثم قال ابتعد عن طريقي(بعصبية وكأنني المخطىء!!!)فمسكته وتضاربنا،حتى جاء بعض الشباب وفصلوا بيننا...بقيت وحدي بالممر أفكر فيما حدث، ثم ذهبت أبحث عن محمد فلم أجده بقاعة المحاضرات ولا بالكافتيريا ولا حتى بسرداب السيارات، فذهبت إلى بيته ولم أجده-لعل لديه شغلا- ثم ذهبت إلى بيتي وأنا حزين لفعل أعز صديق لي و سعيد لوقوف اكره إنسان مربحياتي...مرت الأيام ومحمد لم يعد إلى البيت قلت لأمي بعفويه : هههه أمي إبن جيراننا غريب مختفي ... الظاهر أنه ليس من الملتزمين كما يدعي هههههههه،أمي : لا يا وليدي محمدنقلوه إلى المستشفى،هو مريض و أبوك يزوره كل يوم.قلت لها بكل اهتمام: أرجوك أريد ألذهاب مع أبي عندما يذهب إليه;أميآآآآآآآآآآآآآآه كأنك متغير! قلت لها : هااا يمكن أنني أحببته اليوم ههههه ،المهم سأذهب مع أبي فزيارة المريض واجب;
أمي :؟؟؟؟؟!!!!!!؟؟؟؟؟ رائع هداك الله يا ولدي.
انتظرت أبي إلى أن جاء واستأذنته للذهاب معه،فوافق، ركبت السيارة دون أن أضيف كلمة...شعرت أن أبي كان يريد أن يقول لي شيئا،لكنه سرعان ما رأى دموعي تنزل الواحدة تلو الأخرى.
أبي : ولدي ما بك قل لي ؟؟ تبدو متألم صار بينك و بين محمد شيء
قلت (بكل ألم متجاهلا سؤاله): أبي لماذا محمد بالمستشفى؟؟؟
أبي : محمد فقد وعيهبالمحاضرة و أتوقع أنك كنت هناك!!؟
قلت : لا أنا لم أعلم
قال : محمد أصيب بتشنج و سقط بالقاعة،ولم يعلم أحد إلا رفيقه، فانتظر إلى أن خف عنه التشنج ثم نقله إلى المستشفى...المهم هو بخير لكنانكسرت يده لأنه يومها ضرب يده بكل قوه على الطاولة الحديدية...
طأطأت رأسيوشعرت أنني أختنق،وأريد أن أبكي أو أصيح... دخلنا المستشفى فقال أبييجب أن نأخذ معنا باقة ورد...اشترينا باقة حمراء رائعة،وبما أن خطي كان جميلا أمرني أبي أن أكتب عليها:نتمنى لك الشفاء العاجل، ومن شدة ارتجافي صار خطي كوفي بدلا من النقش،ونحن نتمشى في الرواق شعرت أن قدماي لا تقدران على حملي،وصلنا الغرفة فدق أبي الباب ثم فتحه و ألقى السلام،فاهتز قلبي وترددت في الدخول ولكن أبي فضحني وقال أدخل يا بني، ولما دخلت رأيت محمد جالس على السرير و النور يشع من وجهه فسلمت عليه وحمدته على سلامته، فطالعني بحبورحمة وأحسست أنه إنسان صافي فعلا،فقلت له : محمد مشكور على كل ما حدث،فوضع يده على فخضي وقال: لا تشكرني هذا واجبي يا أحمد،ما نفع الإنسان إن لم يقف مع أخيه،...كنت أتمنى لو أبقى معه قليلا لكن أبي قال لي هيا يا ابني على محمد أن يرتاح ثم خرجنا فابتسم ابتسامته تلك التي تنبع من قلبه وقال لي جزآك الله خيرا وحفظك يا أحمد،أتتني هنا رعشة وتمنيت لو أضمه إلى صدري،فرغم أنني استهزأت به كثيرا وكنت أنظر إليه نظرات تبكي،وأتصرف معه بتصرفات تخرج الإنسان من عقله لكن محمد بادلني بسعة صدر و قلب صافي...آآآه يا محمد...ليتني أنا المريض لا أنت، مرت الأيام وخرج محمد من المستشفى، و دخل إلى قلبي هذا الإنسان،وعندما نلتقي يبتسم في وجهي فأبتسم معه،في يوم من الأيام وأنا أنزل الدرج،سمعت صراخا هز قلبي،ذهبت أجري إلي البيت،فرأيت أبي، يلتوي ثم رجف رجفة واحدة وتوقف عن الحركة،بدأت أمي بالبكاء هي وأخواتي،كان أبي متينا ولا أستطيع حمله وحدي فخرجت أبحث عن أحد، وجدت محمد فقلت له محمد أبي !أسرع!،دخل محمد معي إلى المنزل وحملنا أبي وكنت متوترا ومحمد يقول لي:صلي على النبي،حبيبي لن يكون شرا،سيكون أبوك بخير إن شاء الله،هداني بكلماته ، إلى أن وصلنا المستشفى...مرت ساعات طوال ونحن ننتظر، شعرت أن عظامي تتفتت وكان محمد يواسيني ويمسك بكتفي،...خرج الدكتور وكان جد متوتر،صرخت :ما به؟؟؟!!أجاب الدكتور: ليس عليه خطر،لكنه....يحتاج إلى من يتبرع له بكلية.قلت : أنا أعطيه كليتي خذوها،فقط أريد أن يكون أبي بخير.محمد قال لي إن شاء الله يكون أبوك بخير.الدكتور : ليس لديك مرض السكري أو مرض معين قلت له لا سليم الحمدالله.قال محمد : يجب أن تعلم أهلك بأن أبوك بخير فأمك خائفة،قلت له:أعلمهم أنت أرجوك،فحصني بعدها الدكتور ثم قال لي تستطيع أن تعود إلى البيت لكن لا تأكل لمدة12ساعة.... عدت إلى البيت وأحضرت أمي لتزور أبي، ولم يكن أحد يعلم بأنني سأجري عملية إلا محمد، خرجت من الغرفة وتركت أمي بجانب أبي ،رأيت محمد يمشي في الممر و هو يفكر، قلت له لماذا تفكر؟،قال لي:أطلب منك طلب لكن لا تردني خائبا!!! قلت له: أنت تأمر!!!قال لي : أحمد أنا أعلم أنك سترفض و ..... و قاطعته : لا عادي لن أرفض طلبك،أغمض محمد عينه و مسك يدي و فتحها و كنت أرى بعيونه الإصرار الشديد على طلبه.محمد :دعني أتبرع لأبوك .. أنت وعدتني بأنك لن ترفض، بلعت ريقي و أكملمحمد كلامه : أنت صغير يا أحمد عمرك 18وسيأخذون كليتك دعني أتبرع بكليتي،فأنت ستتعب كثيرا ولديك امتحان غدا،قلت : لكن أنا......فقاطعني : أحمد طلبتك و أنت لا تريد أن ترفض لي طلب،ومع الإقناعالمستمر وافقت بعد إلحاح شديد وقال لي : لاتقل لأحد أني تبرعت دعه سرا بيني و بينك. قلت له أخبر أهلك قال لي : لا أناسأقول لهم عندي شغل وسأغيب لمدة 3 أيام و أمي لن تسأل كثيرا،أما أنت فولدهمالوحيد لو يحدث شيء لك في العملية صدقني ستنهار أمك أما أنا فعندي إخوان كثر، فهمت،أحمد؟دمعت عيني لطيبة هذا الإنسان و مددت ذراعي له وشددته ، فقال لي أحمد لا تنزعج أنا سعيد لأني أساعد،ذهبمحمدمعي و كلم الدكتور و اتفقنا على العملية ، مر الليل و أنا بالبيت أفكر، (( محمد )) هذا الإنسان الذي ما عبس بوجهي يوما و ابتسم دائما و عرفته بطيبةقلبه و هدوءه و حرصه على الدين دمعت عيني و أنا جالس على الفراشلم يأتني النوم، تمنيت لو رفضت، لا أريد أن يحدث له شيء بسببي ،مر الليل ثقيلا على قلبي،وأنا شارد في التفكير سمعت صوت الأذان و صراحة أول مرهأسمع هذا الصوت بإنصات،كنت أسمع الأذان يوميا لكني لم أكن أشعر بطعمه و كلمايقول المؤذن الله أكبر كنت أبكي و دموعي تنزل بغزار،نعم الله اكبر آه ياالله أجب دعائي يا رب أنت الجبار القادر على كل شيءاللهم اجبر مصيبتنا يا رب أشفي أبي و أنجح عمليته و عملية محمد يا رب و كنتأدعو و أبكي،و أصيح بقوه كأني طفل،و أنا أدعو بين الأذان و الإقامةسمعت طرقا بالباب، مسحت دموعي و قمت بغسل وجهي بسرعة و فتحت الباب،أمي : أحمد،محمد يريدك خارجا ويقول ليتك تسرع.قلت : إن شاء الله أتوضأ و أذهب إليه قولي له أن ينتظر قليلا، وأنا أتوضأ أفكر فيما يريدني محمد؟؟خرجت و قابلني وسبحان الله نور ما بعده نور، سبحان الله نور بوجهه قلت له أهلا بك محمد.قال لي : أحمد تعال أريد الذهاب معك إلى المسجد . قلت :ليست لدي مشكلة سآتي معك.هيا لنركب معا في سيارتي. طبعا كنت اشتريت الهمر منذ4 أيام و كانت جديدة و لم يركب معي فيها أحد واستفتحتها بمحمد الطيب و كنت أنوي أن أذهب فيها مع شلتي إلى الملاهي و قدر ربي أن يكونمحمد أولهم، والمسجد وجهتي الأولى،جلسنا بالهمر وأخذ يهلل و يبارك لي فيها و يقول لي تستحقها ،شكرته و سألني عن سعرها و قال لي: أكيد غالية الثمن لأن الغالي لا يأخذ إلاالغالي،هذه الكلمة عصرت قلبي و قلت له أنت الغالي و الله و اشتريتها 27 ألف لكن تشرفتبدخول الغالي محمد،ضحكنا و كان جد مرح و طيب و صادق و مزاحهيدخل القلب بكل سهوله،قلت : محمد هل نمت البارحة .قال لي : لا لم أنم . تحايلت على محمد أن يقول لي ماذا فعل قال لي : كنت أقيم الليل و أدعوا أن يسهل الله عملية عمي و يخرجه بسلامة.فشكرته لذلك،دخلت المسجد و أول مرة أشعر بطعم الإيمان مع صاحبي محمد كبرنا وبدأنا نصلي و قرأ الإمام آية، لحد الآن ترن بؤذني قال :
)) قل يا عبادي الذينأسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفورالرحيم ، و أنيبوا إلى ربكم و أسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ،، واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة و أنتم لا تشعرونو إن تقول يا نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله و إن كنت لمن الساخرين )) سورةالزمر
فبدأت بالبكاءو شعرت أنني أسرفت بالذنوب نعم لهيت عن القرآن وصلاتي ،أصليها لكن عندما انتهي من عملي كنت أقصر،خرجنا من المسجد ولم يعلق محمد على أي شيء لا أدري ما حدث له!!ركبنا السيارة ولم يتحدث أحد وكأن لساننا شكل،وعندما وصلنا إلى المنزل نزل محمد بهدوء وسلم علي دخلت المنزل فأحسست ببرودة وكأنني خرجت من المجمد ،رميت بجسمي على السرير وبدأت أفكر بأبي...محمد...أصحابي،إلى أن خطفني النعاس ونمت،لما صحوت نظرت إلى الساعة...صحت لاالساعة 12ياالله ماذا حدث لأبي ومحمد، أكيد أن العملية قد أجريت، خرجت من الغرفة أصرخ أمي أخواتي ولم أجد أحدا بالبيت،فخرجت مدبرة المنزل وقالت بأن الكل ذهب إلى المستشفى، أحمد لماذا لم تذهب؟؟فأسرعت إلى المستشفى وبمجرد دخولي قابلتني أمي وهي تبكي مع أخواتي، فصرخت ماذا حدث لماذا البكاء كيف حال أبي ومحمد،فأخبرتني أن العملية طال زمنها، قلت في نفسي إذا فمحمد قد أجريت له العملية،فسألت أمي أين محمد؟؟أمي:محمد؟؟من محمد؟ فتذكرت أنه لا أحد يعلم بأن محمد من تبرع،فهذه رغبته، ذهبت مسرعا للبحث عنه،إلى أن وصلت غرفته، وكانت ثاني مرة أزور فيها محمد في المستشفى،دخلت بعد أن طرقت الباب وكان محمد نائما،فجلست بالكرسي جواره أتأمل وجهه الصافي، المنير، ومرت ساعة دون أن أشعر بها،فجاء الطبيب و أخبرني بأن عملية أبي قد انتهت وقد نجحت، فقالت أمي: أحمد ،والأمل يشع من ابتسامتها لقد نجحت العملية بفضل الله ثم بفضل من تبرع له،ثم سألتني من الذي تبرع لأبيك، قلت لها لا أدري، هو بإذن الله مأجور،قالت لي يجب أن نشكره، فأجبتها كيف لي أن أعلم من يكون؟ثم أمرت أمي والبنات بأن يعودوا للبيت فأبي يجب أن يرتاح، وبقيت أنا في المستشفى وعدت إلى غرفة محمد،فوجدته لا يزال نائما ووجدت مصحفا على سريره عند رأسه،لا أدري شدنيهذا المصحف فمسكته و بدأت أقلب صفحاته إلى أن عثرت على سورة التوبة ،بدأت أقرؤها بصوت خفيف لكنه مسموع، مرت ساعة ولم أشعر نظرت إلى محمد فوجدته ينظر إلي بابتسامة وعينين ذابلتين، فسألته بكل لهفة عن حاله،فأجاب بصوت مبحوح: بخير والحمد لله، ثم سألني عن حال أبيثم واصل حديثه لم تقل لي كيف كنت بالامتحان؟؟ فأجبت: يااا الله لقد نسيت الامتحان!، فعاتبني وماذا كنت تفعل؟!أحمد:لقد نسيته ماذا أفعل الآن يا محمد؟،محمد:دع المشكلة لي أنا سأتصرف ودعنا من المرح، هل صليت الظهر؟؟أحمد: نعم صليت قبل أن آتي إلى هنا،تبادلنا الحديث و أحسست أنه إنسان متفهم وليس معقد مثل ما سمعت ،و شعرت أننيالمعقد ،صراحة كل ما أرى طيبة قلبه أشعر بالندم...بعد أيام خرج أبي ومحمد من المستشفى،فشعرت بأن الحياة بثت في من جديد وعادت السعادة إلى قلبي، وكبرت علاقتي مع محمد، وأهملت كليا شلتي المزعومة،وكلم محمد المدرس وأخبره بأنني نسيت بسبب ما حدث لأبي،فصدق المدرس لأنه كان يعرف محمد وأعاد لي الامتحان،فحصلت على علامة ممتاز،وهكذا صرت أنا ومحمد كالظل نكاد لا نفارق بعضنا، نذهب معا إلى البحر والبراري،ونمزح مع بعضنا البعض ونتناصح شعرت وقتها فعلا معنى الصداقة وأهميتها،كما شعرت أنني لست بحاجة إلى أي صديق آخر فمحمد كان كل أصدقائي،نعم محمد ملأ حياتي وملأها بالسعادة و حب الرحمان و طاعته ،كان حنون علي و يحب مدح كل عمل أقوم به حتى لو كانبسيط و كان يحضني على طاعة الوالدين و حرصي على العبادات ،لما يصل الليل نضع الهاتف النقال عند رأسينا والذي لا ينام يتصل بالآخر ويسأله هل نمت...ماذا كنت تفعل؟ وهكذا إلى أن ننام ، وعندما ندخل قاعة الانترنت ،ينصحني بالمواقع المفيدة كمواقع المشايخ الكبار أو ندخل مواقع الألعاب ونتنافس وبعدها ندخل إلى المسنجر ونتعرف على أصدقاء من مختلف أنحاء العالم وكلما دخلت بيننا فتاة كنا نمزح وتقول ألا تزلان معا فنجيبها بأننا سنموت ونحن معا، فتضحك وتقول أكيد مجنونان ، وفي أحد الأيام أضفت في المسنجر اسم شخص وتعارفنا ولم يكن محمد معي فقال لي هل تعلم يا عاشق الهمر أنا أحببتك فعلا وبدأ يقول ما أجمل مزاحك وما أجمل صوتك وبعدها فاجأني بكلمة قذرة للأسف الشديد، أتنزه عن قولها لأنها بصراحة لا تقال، وبعدها قال لي أصلا أنا بنت وضحكت ،فأغلقت المسنجر واتصلت بمحمد فشغل هاتفه وأسمعني محاضرة ففهمت أن لديه محاضرة(هذه الحركة نقوم بها عندما تكون لدينا محاضرة أو درس) انتظرت ساعة ثم اتصلت به وقلت له أريدك ضروريا، لما التقينا كان مذعور وسألني :ما بك يا أحمد؟، فأخبرته بما حصل، فقال: حصل خير،فهذا درس والحمد لله أنك خرجت منه سالما،ثم قال:هل أطلب منك طلب قلت:لا تطلب،أنت تأمر وأنا أنفذ!فقال:أستحلفك بالله أن تبتعد عن علاقات المسنجر التافهة التي لا تنفع احتفظ فقط بمن تعرفهم ولا تضف شخصا لاتعرفه،هل تعدني يا أغلى أحمد؟ ، قلت: أعدك و أحلف يمينأنني لن أدخله مرة أخرى لسبب تافه من أجل عيونك يا غالي، ابتسم محمد ابتسامة رضا و قال لي: أتدري أحمد أحس إنني لا أستطيع الاستغناء عنك.فمزحت معه وقلت له أنا أعلم ذلك فأنا مغناطيس وأنت من حديد لن تستطيع الذهاب إلى أي مكان من دوني ههها،ثم اقترحت عليه الذهاب معا إلى مكة أنا متشوق لرؤيتها،فوافق دون مانع،وقمت بإخبار أمي،في البداية رفضت لكن مع إصراري وبما أنني كنت بارعا في الإقناع وافقت ،قلت لأبي و قالي : نعم ما ستفعل مع محمد توكل على الله و حفظكم ربي يا ابني، مر يومين واتفقنا على الذهاب فجرا فحضرت حقيبتي،وفي فجر الغد غادرنا الكويت الغالية،إلى أهلنا وجيراننا الأعزاء بالسعودية’وذهبنا بالهمر لأنها تكفي لحمل أغراضنا مررنا على العديد من الأماكن،وكل مرة يسوق أحدنا، طول الطريق ونحن نسمع شريط احمد العجمي و نقفله لنأكل ونضحك ،كنت قد أحضرت معي كتاب الألغاز كنا نلعب،ولما نجيب إجابة بعيدة عن السؤال نضحك على بعضنا ،هذا حالنا كنا أثنين لا نفترق، نمت نوما عميقا و محمد يسوقلفترات طويلة،فجأة اهتزت السيارة توقعت أنه حادث، لما صحوت سألت محمد! فقال لم أجد أنسب من هذه الطريقة لأوقظك من النوم يا كسول،كنت أريد أن أطرده خارج السيارة،لكنه قابلني بابتسامة تنسي كل التعب والرعب،قلت له حسنا المرة القادمة سيكون دورك يا محمدين، ضحكناببراءة و مرح و كلما نجد البدو الرحل في طريقنا كنا نعطيهم الأكل والماء،وهكذا حتى وصلنا مكة، كانتأجمل لحظات الإيمان و في بيت الرحمن و طاعة المنان،الحرم كان من أجمل البقاعو كنا لا نفوت أية صلاة،رأينا مشاهدا محزنة وشكرنا الله على نعمة المال والصحة والخير الذي أنعمهم علينا،تعلمت من محمد التواضع و أحسست أنني سخيف لما أتباهىبشيء غريب ليس لدى أحد ،كنت استحقر نفسي ،الله الغني و نحن الفقراء،فربما أنا غني ولدي خير كثير لكن تجد الفقراء أغنى مني بالإيمان ،وزادهم ليوم الحساب أغنى مني،نعم لماذا التكبر فقد كنت مغرورا للأسف الشديد لكنني الآن ندمان،وأحببت التواضع،والحمد لله الذي بفضله رسخت هذه الميزة في ذاتي، ثم بفضل محمد الذي عزز الثقة بنفسي و قال ليجاهر بالحق انصر الحق و هذا الشعار الذيأحفظ منه(دع الحق طريقك حتى إن لم يكن الحق حبيبك أو رفيقيك((....وفي طريق عودتنا إلى الكويت الغالية استمتعنا كثيرا، سرنا حتى وصلنا الحدود الكويتية،فرأينا مكانا كان جد جميل ومليء بأشجار وأعشاب عالية يعني تصل الشجرة الصغيرة إلى الركبة،قال محمد ما رأيك أن نقف هنا لنتجول في هذا المكان الجميل لنلتقط بعض الأعشاب والزهور الجميلة نفاجئ بها أهلنا ، وافقته طبعا افترقنا لكن بقي في ناظري وأنا كذلك، فجمعت ما تيسر لي من نباتات ولما رفعت رأسي لم أرى محمد، قلت في نفسي لا بد أنه أكمل قبلي و سبقني إلى السيارة، ولما ذهبت إلى السيارة لم أجده،هو لا يستطيع الابتعاد كثيرا فسيتعب، أين محمد يا ترى ؟؟!!!بحثت كثيرا بين الأعشاب لكنها كانت كثيفة فلم أعثر عليه، فجأة خطرت في بالي فكرة أن أقف فوق السيارة وأبحث عنه، وفجأة رأيت شيئا أسود على الأرض فعرفت أنه هو لأنه كان يرتدي قميصا أسودا،ذهبت أركض نحوه ولما وصلت وجدته ساقطا على الأرض و الدم ينزل من فمه،فبدأت بالصراخ محمد انهض! ماذا حدث لك؟!وقمت بضربه ضربات خفيفة على خده لكنه لم يتحرك، فقمت بجس نبضه و وجدته ينبض نبضا بطيئا جدا ، فحملته إلى السيارة والحمد لله أنه كان خفيفا،أخذته إلى أقرب مستشفى لنا،أدخلته إلى الغرفة مع الطبيب ومجموعة من الممرضين،وبقيت وحدي في الرواق وأفكاري مشوشة هل أتصل بأبي أو بأهله ماذأفعل؟!وفي هذه اللحظة خرج الطبيب،فلم ألاحظ على وجهه التوتر أو القلق فسألته عن حال محمد فقال إن شاء الله سيكون بخير وسيرتاح،لكنه سيبقى هذه الليلة في المستشفى،فسألته لماذا فأنت تقول بأنه بخير؟هل هناك ما تخفيه عني؟ تركني الدكتور فدخلت غرفة محمد،وجدته ممدا على السرير،وينظر إلي ويبتسم ابتسامته المعتادة التي تضوي السماء ، قلت:محمد حبيب قلبي ماذا حدث لك؟محمد:أنا بخير لكني تعب قليلا ،لا تشغل بالك فقط عليك الاعتناء بنفسك، قلت:هل أخبر أهلك؟محمد:لا أنا بخير وسأخرج من المستشفى غدا بإذن الله،عد أنت إلى بيتك ،فقلت ماذا تقول؟أعود من دونك،لن أتركك وحدك هنا،محمد:افعل ما يريحك،....بدأنا بالمزاح ثم لاحظت أن وجهه بدأ بالاصفرار ليس محمد الذي وجهه ينير،فقلت له محمد هل تشعر بشيء؟ صدقني أنت لست طبيعيا، فقال:يا أحمد لا تقلق أنا تعبت فقط،...وبعد مدة أصبح يتنفس بسرعة شديدة وتصبب عرقا،فقلت له:حقا أنت لست بخير انتظر سأنادي الدكتور،محمد:لا..لا تناديه أريد أن أبقى معك الآن،وأريد سماع صوتك الجميل في تلاوة القرآن،فسوف أتعب إن أحظرت الدكتور،فأنا أرتاح عند قراءة القرآن فلنقرأ ما تيسر منه،وافقته وكنت خائفا مسكت المصحف وبدأت أقلب السور،فقال لي:اقرأ لي سورةالأنبياء من آيه 34 (( طبعا محمد حفظ القرآن و يعرف الآيات و حفظ بعض أرقامها((
بدأت أقرء من هذه الأية : ( و ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين متَّ فهم الخالدون . كل نفس ذآئقة الموت ونبلوكم بالشر و الخير فتنة و إلينا ترجعون ) الأنبياء : 34 ـ 35 ..
وقفت بعدها نضرت اليه وهو يبتسم قلت له ماذا يعني لك هذا الموضع محمد قل لي حفظك الله .محمد : كف عن الكلام و أكمل القراءة،أكملت و أنا لست راضي المهم بدأت أقرى بصوت جميل لدرجه أنني بكيت و محمد كذلك دمعت عيناه;و بعدها قال لي حسبك،أفتح سورة "ق" واقرأ من رقم 19 إلى نهاية الآية،بدأت أقرء وأرجف من الكلمات العظيمة }وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُتَحِيدُ(19)وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ(20) وَجَاءتْ كُلُّنَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ(21)لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَافَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ(22) وَقَالَ قَرِينُهُهَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ(23)أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍعَنِيدٍ(24)مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ(25)الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِإِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ(26)قَالَ قَرِينُهُرَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ(27)قَالَ لاتَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ(28) مَا يُبَدَّلُالْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ(29)يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَهَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ(30) وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُلِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ(31)هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍحَفِيظٍ(32)مَنْ خَشيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍمُنِيبٍ(33)ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ(34)لَهُمْ مَايَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ(35) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْقَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْمَحِيصٍ(36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَىالسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ(37)وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَابَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ(38)فَاصْبِرْ عَلَىمَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَالْغُرُوبِ(39)وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ(40)وَاسْتَمِعْيَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ(41)يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَبِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ(42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُوَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ(43)يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَحَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ(44)نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَعَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ(45)
كنت أبكي و أقرء أحسست أن محمد يريدني أن أقرء هذه الكلمات من أجل.........أجل أن أستعدلرحيله!!أكملت الآية و واصلت البكاء، محمد يريد أن يصدر صوتا من فمه مثل شهقة،شعرت بالرعب وقلت محمد لا تتركني وحدي أرجوك لا تفعل بي ذلك فسأموت،ليس لدي غيرك،ومسكت يده وبدأت بالبكاء والصراخ وأدعو إلى الله أن ينجيه،وإذا بمحمد يقول : كل نفس ذائقة الموت ..لماذا تبكي؟؟؟قاطعته : محمد لا تتركني خذ عمري، أرجوك لماذا تفعل ذلك قل شيئا،محمد أنت ملأت دنياي لا تتركني أصارعها وحدي،فكرر: (( كل نفس ذائقة الموت )) بصوت جميل جدا لم أسمع أعذب منه في حياتي لدرجة أنه لا يوصف،وكان يريد إعادتها فبكيت وصرخت، قال لي : أحمد اقترب مني وكانت دموعي على خدي ،مسح دموعي وقال لا تبكي دموعك غالية،لا أريد إلا دعواتك يا أوفى صديق،صحت و قلت له : لا تقلهكذا ،لا تقل هكذا محمد حفظك الله لا أعرف كيف أنساك، أصلا أنت تتوهم لن تموت الآن...هل تعلم الغيب ؟؟؟محمد : لا يا أحمد الموت حق و أنا أحس أنيلن أستمر،صرخت :لا أنت تريد إخافتي مستحيل محمد يغادرنا فأنت تسكن جسمي وإذا رحلت سأرحل معك،فبدأ بالشهيق وعيناه تتقلبان،صرخت و صحت و مسكت رأسه و وضعت كف يدي على رأسه وقلت له:لا تتركني لن أجد مثلك حنون وطيب وحبيب وصالح،أرجوك تكلم افعل شيئا لا تجمد هكذا أشتمني إن أردت، أو لعلك تريد ضربي، لكن لا تسكت تكلم لأشعر بأنك معي،محمد : لن أوصيك على نفسك احمداحذر من أولائك الشباب الخونة، و صادقالصالح و اترك الطالح ...أحمد أنا أحببتك في الله يا أوفى صديق، و أنا أبكي ،طلعت هذه الجملة متقطعة من حلقي من كثرة البكاء : و أنا أيضا أحبك في الله يا حبيب قلبي
محمد…محمد.......................كانت أخر الكلمات التي تربط بين الحياة والموت.نعم محمد ......هذا الإنسان الذي يحفزني على الطاعة و يوصينيبأهلي،هذا الإنسان الذي لم ينسني طوال عمره ويعاملني بأحسن معاملة،يبتسم بوجهي و أقابله بنظرات الاحتقار،نعم محمد... الذي لن أجد مثله في حياتي هذاالإنسان الذي صاحبته أكثر من 9 أشهر ذهب بسرعة عني،نعم محمد ... محمد هذا الذيطول ما صادقته ينصحني و يوجهني و يمرح و يضحك معي،نعم محمد الذي لم يصرخ مرة في وجهي ،هذا الإنسان الهادئ الإنسان المتفهم الإنسان الطيب الرقيق الذي ما رأيت أنظف من قلبه...محمد رحل.....رحل و تركني وحدي ....لم يعلم أنني لا أساوي شيئا من دونه.
محمد رحل وترك القرآن بين يدي ،محمد رحل و ترك أمنياته و أحلامه و كل شيء كان يتمناه....... محمد تمنىزوجه له و مات و ترك هذه الأمنية ....رزقك الله حور العين يا محمد،محمد رحل وترك بين يدي نصائحهنعم هذا محمد ............الذي الكل يحبه وستشرق برؤيته،هذا محمد الذي ما ترك ليلة ما صلى فيها قيام الليل و إن كان تعبان اكتفى بركعتين،ما نسى ربه،محمد رحل ... نعم رحل،لولا إيماني بقضاء الله وقدره ما صدقت ذلك لكن محمد كان المعلم، نظرت إلى وجه محمد وسبحان الله كان شمسا مشرقة،وآخر ما تلفظ به أنه رفع سبابته
وقال : أشهد إن لا إله إلا الله و أشهد أن محمد رسول الله ثم نظر إلي و ابتسم و أغمضعينه و تدلت يده و لتفت ساقه،آآآآآه...ما أبشع رحيلك يا أخي يا روحي ،أنت قطعة من جسدي،صرخت و بكيت : محمد !!لكن محمد غادر لم تعجبه الدنيا فقرر الآخرة، أسكنت فسيح الجنان يا محمد، رحمك الله يا من حملت اسم خاتم الأنبياء و المرسلين وداعا،إلى أن نلتقي في مكان الخلود،دخل الأطباء وهم يقولون أستر يا رب، لكنهم لا ينفعون الآن فقد فات الأوان محمد تركني،أعيدوا الأدوية إلى مكانها ولا تزعجوا أنفسكم لم يرد أن يلهيكم عن عملكم فرحل بصمت كما عاش بصمت، بكوا كثيرا ليس على محمد فحسب بل بكوا لحالي،لأنني كنت كالذي فقد أحد أعضاء جسمه أو فقد بصره كنت ماسكا يدي محمد وكأنني أريد أن أعيده إلى الحياة أو أطلب منه أن يأخذني معه،اتصل الطبيب بأهله فأتت أمه،وما أبشع دموع الثكلى،واتصلت أنا بأبي كنت أصيح من جهة وهم من جهة كان منظرا يذوب له الصخر،بعد ذلك أقاموا عزاءا فقمت بإطلالة على قبره وقلت:الله أكبر كلنا ننتهي إلى هذه الحفرة التي تمتد على طول أشبر من سطح الأرض ،فما نفع تلك القصور التي سكناها، إلى من سنتركها،وماذا نفعل بكل تلك الأموال كلها تركناها ورائنا ومضينا ،ماذا عن الأسماء التي كنا نتباهى بها هل فقدت بريقها أمام الموت؟ماذا لو قنعنا بالقليل،لربما حققنا الكثير في العالم الآخر،آه نسيت أين الأصحاب وأين جموعهم بين الثناء؟أدركت أن تلك القطعة البيضاء قد تكون أجمل الأثواب إن أردنا ذالك وذلك الشبر الذي أدخلنا فيه قد يكون أوسع مكان سكناه كما قد يكون أضيق مكان،ويوم دفن محمد حضر الكل فقير وغني كانوا فقط يريدون أن يرو تلك الروح التي لم يعرفوا عنها إلا خيرا وطهارة وعفة،كانوا يريدون توديع ذلك الوجه المنير،كان محمد خفيفا وأنزلوه بسرعة،كنت أبكي وأقول:محمد ويحك تركتني وحدي لتبقى في هذه الظلمة، وضعوا عليه صخرة مسطحة و بدأ برمي التراب على القبر وشاركت بدفنه وما أبشع أن تدفن أعز الناس إلى قلبك بيديك لتمنيت أن تموت قبل ذلك ،بعد أن انتهينا من دفنه قاموا برش الماء على قبره،شعرت وقتها بقشعريرة، دفن أحمد بمقبرة "صليبيخات"،غادر الكل المقبرة وبقيت وحدي،وأتذكر كل لحظة مرت وجمعتني مع محمد، خرجت من المقبرة شبه منهار،وفي حالة يرثى لها،اعتكفت بعدها منزلي ولا أخرج إلا وأنا ذاهب إلى المسجد،وكانت أول مرة أذهب إلى المسجد دون محمد،ركبت السيارة ونظرت إلى المكان الذي كان يجلس فيه وتذكرت أنه أول من ركب سيارتي حينما اشتريتها،وعند وصول المسجد بدأ الناس بإبلاغي التعازي، الكل وأعني الكل، كان يبكي،أتدرون من كان يبكي أيضا؟الذي ينظف المسجد رأيته جالسا ماسكا بعصا مكنسته ويده الآخر على خده والدموع تنهمر من عينيه الصادقتين، لأن محمد كان حبيب الكل،صليت وسط رجلين ولم يكن محمد بيميني ولا حتى بشمالي،عدت إلى البيت ومررت على منزله وكانت سيارته أمام منزله،نزلت من سيارتي وألقيت نظرتا على سيارته،فوجدت المصحف الذي لطالما قرأ فيه،كان حجمه صغير بحجم كف اليد، عدت إلى المنزل وارتميت على السرير،وبكيت من كل أعماق قلبي، يومها مر على وفاته رحمه الله ثلاثة أيام،فتحت حقيبتي التي أخذتها معي للسفر،كنت أتمنى رميها ولا أعيد النظر إليها من جديد،وعندما فتحتها وجدت جواز سفر محمد،فاندهشت لرأيته،وتذكرت أنه نسيه عندي يوم التفتيش عند الحدود،فسقطت دمعتي على سورته،ثم تذكرت أنني سجلت صوتي وصوت محمد بمسجل الهاتف النقال عندما كنا نرتل القرآن معا وكان كل أحد يقرأ آية ويبدع في صوته،لم أكن أريد أن أسمعه لكني من شدة اشتياقي له،فأنا لم أسمع ذلك الصوت الذي أبتهج لسماعه منذ3أيام،بكيت...آه محمد هذا صوتك الذي تركته لي،آه يا أحلى صوت سمعته،وأصدق صديق صادقته،سألت الله أن يسكنك فسيح جنانه يا روحي ويا أخي ،استمرت حياتي دون محمد الذي كان يشرح صدري بكلماته ودعواته لي لحضور المحاضرات الدينية بالمسجد،تركتني وحدي والآن ليس لدي أصدقاء ،قررت بناء حياتي من جديد فصاحبت أبناء المساجد لكن لم يكونوا أبدا مثل محمد ومستحيل أن يكون مثله فمحمد فريد من نوعه وأعرف أنني لن أجد مثله .محمد الذي لم يشتكي يوما من الحياة،رحل........رحل إلى الأبد

انتهت القصة ...


هذه قصة حقيقية لم أغير الأحداث لكني قمت بإعادة كتابتها واختيار التعابير المأثرة كما أنني قمت بترجمتها من الكويتية إلى العربية الفصحى أتأسف عن كل تقصير وأعان الله الجميع في المصائب و أتمنى أن يرسل عليهم المن والسلوى فالصداقة أجمل ما قد يعيشه الإنسان أبشع ما قد يفقده وهذا مثال حق على الصداقة المثالية التي لا يشوبها شاﺌب ستجدون صاحب القصة باسم "عاشق الهمر"أتمنى أن يرزقنا الله تعم الأصدقاء



……انتهى…..